للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)﴾.

هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها، فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها، فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأعراف: ١٨٧] وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك، ومن يشاء الله من خلقه، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكرًا أو أنثى أو شقيًا أو سعيدًا، علم الملائكة الموكلون بذلك، ومن شاء الله من خلقه، وكذا لا تدري نفس ماذا تكسب غدًا في دنياها وأخراها ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ في بلدها أو غيره من أي بلاد الله كان، لا علم لأحد بذلك، وهذه شبيهة بقوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ الآية [الأنعام: ٥٩].

وقد وردت السُّنَّة بتسمية هذه الخمس مفاتيح الغيب.

قال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بُريدة، سمعت أبي - بُريدة - يقول: سمعت رسول الله يقول: "خمس لا يعلمهن إلا الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)﴾ " (١)، هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجوه.

(حديث ابن عمر) قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)﴾ " (٢). انفرد بإخراجه البخاري، فرواه في كتاب الإستسقاء في صحيحه عن محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان بن سعيد الثوري به (٣). ورواه في التفسير من وجه آخر، فقال: حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا ابن وهب، حدثني عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، أن أباه حدثه، أن عبد الله بن عمر قال: قال النبي : "مفاتيح الغيب خمس" ثم قرأ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ (٤) انفرد به أيضًا.

ورواه الإمام أحمد، عن غُندر، عن شعبة، عن عمر بن محمد أنه سمع أباه يحدث عن ابن عمر، عن النبي قال: "أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)﴾ " (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٨/ ٩٠ ح ٢٢٩٨٦) وقال محققوه: صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي. اهـ. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/ ٩٢)، وصححه الحافظ ابن كثير.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢/ ٢٤) وسنده صحيح.
(٣) الصحيح (ح ١٠٣٩).
(٤) الصحيح، التفسير، باب ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ [القمان: ٣٤] (ح ٤٧٧٨).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢/ ٨٥) قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٨/ ٤٦٢).