للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سميع، عن رجل، عن محمد ابن الحنفية بنحوه (١).

وقال أبو الجارود: سألت محمد بن علي - يعني الباقر - عن قول الله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ فقال: هو الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا.

فهذا ما تيسر من إيراد الأحاديث والآثار المتعلقة بهذا المقام. وإذا تقرر هذا، فإن الآية عامة في جميع الأقسام الثلاثة في هذه الأمة، فالعلماء أغبط الناس بهذه النعمة، وأولى الناس بهذه الرحمة، فإنهم كما قال الإمام أحمد ، حدثنا محمد بن يزيد، حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن قيس بن كثير قال: قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء وهو بدمشق، فقال: ما أقدمك أي أخي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله ، قال: أما قدمت لتجارة؟ قال: لا، قال: أما قدمت لحاجة؟ قال: لا، قال: أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال: نعم. قال : فإني سمعت رسول الله يقول: "من سلك طريقًا يطلب فيها علمًا، سلك الله تعالى به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" (٢). وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث كثير بن قيس (٣)، ومنهم من يقول قيس بن كثير، عن أبي الدرداء ، وقد ذكرنا طرقه واختلاف الرواة فيه في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري، ولله الحمد والمنة.

وقد تقدم في أول سورة طه حديث ثعلبة بن الحكم ، عن رسول الله قال: "يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء: إني لم أضع علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي" (٤).

﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)﴾.

يخبر تعالى أن مأوى هؤلاء المصطفين من عباده الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين يوم القيامة، مأواهم جنات عدنٍ؛ أي: جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على الله ﷿: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾ كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة ، عن


(١) في سنده إبهام شيخ إسماعيل بن سميع.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٦/ ٤٦ ح ٢١٧١٥) قال محققوه: حسن لغيره. اهـ. وصححه الألباني كما يلي.
(٣) سنن أبي داود، العلم، باب فضل العلم (ح ٣٦٤١)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (ح ٣٠٩٦)، وسنن الترمذي، العلم، باب ما جاء في فضل الفقه في طلب العلم (ح ٢٦٨٢)، وسنن ابن ماجه، المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (ح ٢٢٣).
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة طه آية ٢.