للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ أبو بكرة (١) بن مردويه: حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثني جعفر بن محمد بن حرب، وأحمد بن محمد (الجوري) (٢)؛ قالا: حدثنا محمد بن عبيد الكندي، حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي، حدثنا عبد اللّه بن المبارك، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي في قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ قال: من الحيض والغائط، والنخاعة والبزاق.

هذا حديث غريب. وقد رواه الحاكم في "مستدركه" عن محمد بن يعقوب، عن الحسن بن علي بن عفان، عن محمد بن عبيد، به. وقال: "صحيح على شرط الشيخين".

وهذا الذي ادعاه فيه نظر؛ فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي: "لا يجوز الاحتجاج به".

قلت: والأظهر أن هذا من كلام قتادة كما تقدم. واللّه أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ هذا هو تمام السعادة، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع، فلا آخر له، ولا انقضاء؛ بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام. واللّه المسؤول أن يحشرنا في زمرتهم، إنه جواد كريم (بر) (٣) رحيم.

﴿*إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢٧)﴾.

قال السُّدِّيُّ في "تفسيره" (٤) عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة: لما ضرب اللّه هذين المثلين للمنافقين - يعني: قوله (تعالى) (٥): ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] وقوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ … ﴾ [البقرة: ١٩] الآيات الثلاث - قال المنافقون: اللّه أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال؛ فأنزل اللّه هذه الآية إلى قوله (تعالى) (٥): ﴿هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.


(١) في "تفسيره". وعزاه له السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٣٩) وقال: "أخرج الحاكم وابن مردويه وصححه" ولعل الصواب: "الحاكم وصححه وابن مردويه".
ولم أقف عليه في "المستدرك" فاللّه أعلم.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (٢٠٤) قال: نا محمد بن عبيد، نا عبد الرزاق بن عمر بسنده سواء، وأخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة" (٣٦٣) من طريق محمد بن عبيد مثله. وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة "البزيعي" (٢/ ٦٠٨، ٦٠٩) وقال: "أخطأ"؛ يعني: في رفعه. وقال الحافظ في "الفتح" (٦/ ٣٢٠): "لا يصح إسناده" وهو الصواب. وكأنه نسي هذا التحقيق فقال في "التغليق" (٣/ ٤٩٩): "إسناده لا بأس به"!!
(٢) في (ن): "الخواري"، في (ج): "الجوازي"! وهو أحمد بن محمد بن جوري، ترجمه الخطيب في "تاريخه" (٤/ ٤١٠) وقال: "في حديثه غرائب ومناكير".
(٣) ساقط من (ج).
(٤) ومن طريقه ابن جرير (٥٥٤)؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (٢٧٣) عن السدي قوله. [وسنده ضعيف].
(٥) من (ن).