للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى (١) عن مجاهد، والحسن، والربيع بن أنس، نحو ذلك.

وقال أبو العالية (٢): ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ يعني: هذا المثل ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾ كما قال في سورة المدثر: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر: ٣١].

وكذلك قال هاهنا: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾.

وقال السدي في "تفسيره" (٣)، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود؛ وعن ناس من الصحابة: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا﴾ يضل به كثيرًا؛ يعني (به) (٤) المنافقين؛ ﴿وَيَهْدِي﴾ كثيرًا؛ يعني (به) (٢) المؤمنين؛ فيزيد هؤلاء ضلالةً إلى (ضلالتهم) (٥)؛ لتكذيبهم بما قد علموه حقًّا يقينًا من المثل الذي ضربه اللّه (بما ضرب لهم) (٦)، وأنه لما (ضربه) (٧) له موافق، فذلك إضلال اللّه إياهم به. ويهدي به - يعني: بالمثل - كثيرًا من أهل الإيمان والتصديق؛ فيزيدهم هدًى إلى هداهم، وإيمانًا إلى إيمانهم؛ لتصديقهم بما قد علموه حقًّا يقينًا أنه موافق لما ضربه اللّه له مثلًا، وإقرارهم به؛ وذلك هداية من اللّه لهم به.

﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ قال: هم المنافقون. وقال أبو العالية (٨): ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ قال: هم أهل النفاق، وكذا قال الربيع (٩) بن أنس.

وقال ابن جريج (١٠)، عن مجاهد، عن ابن عباس: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ قال: يقول يعرفه الكافرون فيكفرون به.

وقال قتادة (١١): ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ فسقوا، فأضلهم اللّه على فسقهم.

وقال ابن أبي حاتم (١٢): حدثت، عن إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، عن سعد ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا﴾ يعني: الخوارج.

وقال شعبة (١٣)، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، قال: سألت أبي، فقلت: قوله


(١) هذه الآثار عند ابن جرير (٥٦٤ - ٥٦٦)؛ وابن أبي حاتم (٢٧٩). [وأسانيدها ما بين صحيح وجيد].
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٧٦) بسند حسن.
(٣) ومن طريقه ابن جرير (٥٦٧) [وسنده ضعيف].
(٤) من (ن).
(٥) في (ز): "ضلالهم".
(٦) كذا في (ز) و (ن)؛ وفي (ج) و (ك) و (هـ): "لما ضرب له"؛ وفي (ع) و (ي): "بما ضرب له".
(٧) في (ن): "ضرب".
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٨٣). [وسنده جيد].
(٩) أخرجه ابن جرير (٥٧٠).
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٨٧) وفيه عنعنة ابن جريج. [وسنده ضعيف].
(١١) أخرجه ابن جرير (٥٦٩)؛ وابن أبي حاتم (٢٨٦) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة وسنده صحيح.
(١٢) في "تفسيره" (٢٨٢) وسنده ظاهر الضعف.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٨٨، ٢٩٣) من طرق، عن شعبة بسنده سواء.
وأخرجه البخاري (٨/ ٤٢٥)؛ والنسائي في "التفسير" (٣١٣)؛ وابن أبي حاتم (٢٩٦) مختصرًا من طريق =