للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال ابن عباس أو العباس -شك عبد السلام-: لنا الفضل عليكم، فبلغ ذلك رسول الله فأتاهم في مجالسهم فقال: "يا معشر الأنصار ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال : "ألم تكونوا ضلالًا فهداكم الله بي؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "أفلا تجيبوني؟ " قالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: "ألا تقولون ألم يخرجك قومك فآويناك أولم يكذبوك فصدقناك أولم يخذلوك فنصرناك" قال: فما زال يقول حتى جثوا على الركب، وقالوا: أموالنا في أيدينا لله ولرسوله، قال: فنزلت ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (١) وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين، عن عبد المؤمن بن علي، عن عبد السلام، عن يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف بإسناده مثله أو قريبًا منه.

وفي الصحيحين في قسم غنائم حنين قريب من هذا السياق، ولكن ليس فيه ذكر نزول هذه الآية (٢)، وذكر نزولها في المدينة فيه نظر لأن السورة مكية وليس يظهر بين هذه الآية وهذا السياق مناسبة، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا رجل سماه، حدثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: "فاطمة وولدها " (٣). وهذا إسناد ضعيف فيه مبهم لا يعرف عن شيخ شيعي مخترق وهو حسين الأشقر ولا يقبل خبره في هذا المحل، وذكر نزول الآية في المدينة بعيد فإنها مكية ولم يكن إذ ذاك لفاطمة أولاد بالكلية، فإنها لم تتزوج بعلي إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة، والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس كما رواه عنه البخاري ولا ننكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرًا وحسبًا ونسبًا، ولا سيما إذا كانوا متَّبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وأهل ذريته أجمعين.

وقد ثبت في [الصحيح] (٤) أن رسول الله قال في خطبته بغدير خم: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض" (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله إن قريشًا


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف زياد بن أبي زياد (التقريب ص ٦٠٠).
(٢) صحيح البخاري، المغازي والسير، باب غزوة الطائف (ح ٤٣٣٠)، وصحيح مسلم، الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم (ح ١٠٦١).
(٣) سنده ضعيف لإبهام الراوي عن حسين الأشقر، وما قيل في الأشقر.
(٤) كذا في (حم) و (مح) وهو الصواب لأنه في صحيح مسلم، وفي الأصل: "الصحيحين".
(٥) أخرجه مسلم من حديث زيد بن أرقم بنحوه ومطولًا وليس فيه: وإنهما لم يفترقا حتى يردا على الحوض (الصحيح، فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب ح ٢٤٠٨).