للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ الآية. قال: كانوا سبعة نفر من أهل نصيبين، فجعلهم رسول الله رسلًا إلى قومهم (١). فهذا يدل على أنه روى القصتين.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا سويد بن عبد العزيز، حدثنا رجل سماه، عن ابن جريج، عن مجاهد ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ الآية، قال: كانوا سبعة نفر ثلاثة من أهل حران وأربعة من أهل نصيبين، وكانت أسماؤهم: حيي وحسي ومنسى وساصر وناصر والازد وأبيان والأحقم (٢).

وذكر أبو حمزة الثمالي أن هذا الحي من الجن كان يقال له: بنو الشيصان وكانوا أكثر الجن عددًا وأشرفهم نسبًا، وهم كانوا عامة جنود إبليس (٣).

وقال سفيان الثوري: عن عاصم، عن زرٍّ، عن ابن مسعود كانوا تسعة أحدهم: زوبعة، أتوه من أصل نخلة (٤)، وتقدم عنهم أنهم كانوا خمسة عشر، وفي رواية أنهم كانوا على ستين راحلة، وتقدم عنه أن اسم سيدهم وردان، وقيل: كانوا ثلاثمائة، وتقدم عن عكرمة على أنهم كانوا اثني عشر ألفًا، فلعل هذا الاختلاف دليل على تكرار وفادتهم عليه ، ومما يدل على ذلك ما قاله البخاري في صحيحه: حدثنا يحيى بن سليمان، حدثني ابن وهب، حدثني عمر هو ابن محمد قال: إن سالمًا حدثه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: ما سمعت عمر يقول لشيء قط إني لأظنه هكذا إلا كان كما يظن، بينما عمر بن الخطاب جالس إذ مرَّ به رجل جميل فقال: لقد أخطأ ظني أو أن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم، عليَّ بالرجل، فدعي له، فقال له ذلك فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني قال: كنت كاهنهم في الجاهلية قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك، قال: بينما أنا يومًا في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت:

ألم تر الجن وإِبلاسها … ويأسها من بعد إنكاسها

ولحوقها بالقلاص (٥) وأحلاسها (٦)

قال عمر : صدق بينما أنا نائم عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ لم أسمع صارخًا قط أشد صوتًا منه يقول: يا جليح، أمر نجيج رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله قال: فوثب القوم فقلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جَليج أمر نجيح رجل فصيح يقول: لا إله إلا الله، فقمت فما نشبنا أن قيل هذا نبي (٧). هذا سياق البخاري، وقد رواه البيهقي من حديث ابن وهب بنحوه، ثم قال: وظاهر هذه الرواية يوهم أن عمر بنفسه سمع الصارخ يصرخ من العجل الذي ذبح، وكذلك هو صريح في رواية ضعيفة عن عمر ، وسائر


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٢) سنده ضعيف لإبهام شيخ سويد.
(٣) سنده مرسل.
(٤) أخرجه البستي من طريق سفيان الثوري به، وسنده حسن.
(٥) جمع قلوص وهي الفتية من النياق (فتح الباري ٧/ ١٨٠).
(٦) الأحلاس: ما يوضع على ظهور الإبل تحت الرحل. (المصدر السابق).
(٧) صحيح البخاري، مناقب الأنصار، باب إسلام عمر بن الخطاب (ح ٣٨٦٦).