للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الروايات تدل على أن هذا الكاهن هو الذي أخبر بذلك عن رؤيته وسماعه (١)، والله أعلم، وهذا الذي قاله البيهقي هو المتجه وهذا الرجل هو سواد بن قارب.

وقد ذكرت هذا مستقصى في سيرة عمر فمن أراده فليأخذه من ثم، ولله الحمد.

وقال البيهقي: حديث سواد بن قارب، ويشبه أن يكون هذا هو الكاهن الذي لم يذكر اسمه في الحديث الصحيح، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر من أصل سماعه، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني قراءة عليه، حدثنا [أبو جعفر] (٢) أحمد بن موسى الحمار الكوفي، حدثنا زياد بن يزيد بن بادويه، حدثنا أبو بكر القصري، حدثنا محمد بن النواس الكوفي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس على منبر رسول الله إذ قال: أيها الناس أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فلم يجبه أحد تلك السنة. فلما كانت السنة المقبلة قال: أيها الناس أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فقلت يا أمير المؤمنين وما سواد بن قارب؟ قال: فقال له عمر : إن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئًا عجيبًا، قال: فبينما نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب، قال: فقال له عمر : يا سواد حدثنا ببدء إسلامك كيف كان؟ قال سواد : فإني كنت نازلًا بالهند وكان لي رَئي (٣) من الجن، قال: فبينما أنا ذات ليلة نائم إذ جاءني في منامي ذلك، قال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وأنجاسها … وشدها العيس بأحلاسها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى … ما مؤمنوا الجن كأرجاسها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … واسمُ بعينيك إلى راسها

قال: ثم أنبهني فأفزعني وقال: يا سواد بن قارب، إن الله بعث نبيًا فانهض إليه تهتد وترشد، فلما كان من الليلة الثانية أتاني فأنبهني ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وتطلابها … وشدها العيس بأقتابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى … ليس قداماها كأذنابها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … واسم بعينيك إلى قابها

فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ثم قال:

عجبت للجن وتخبارها … وشدها العيس بأكوارها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى … ليس ذوو الشر كأخيارها

فانهض إلى الصفوة من هاشم … ما مؤمنو الجن ككفارها

قال: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة وقع في قلبي حب الإسلام من أمر رسول الله ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي فما حللت تسعة ولا عقدت أخرى حتى


(١) دلائل النبوة ٢/ ٢٤٥.
(٢) كذا في (حم) و (مح) ودلائل النبوة للبيهقي ٢/ ٢٤٨، وفي الأصل صُحف إلى: أبو حنيفة.
(٣) أي: الجني يعرض للإنسان.