للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

برسول الله ليقتلوه، فأسعى إلى البيوت فأستغيث الناس، فذكرت أن رسول الله أوصاني أن لا أبرح مكاني الذي أنا فيه، فسمعت رسول الله يقرعهم بعصاه ويقول: "اجلسوا" فجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح ثم ثاروا وذهبوا، فأتاني رسول الله فقال: "أنمت بعدي؟ " فقلت: لا ولقد فزعت الفزعة الأولى حتى رأيت أن آتي البيوت، فأستغيث الناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك، وكنت أظنها هوازن مكروا برسول الله ليقتلوه، فقال: "لو أنك خرجت من هذه الحلقة ما أمنت عليك أن يختطفك بعضهم، فهل رأيت من شيء منهم؟ ".

فقلت: رأيت رجالًا سودًا مستشعرين بثياب بيض، فقال رسول الله : "أولئك وفد جن نصيبين أتوني فسألوني الزاد والمتاع فمتعتهم بكل عظم حائل أو روثة أو بعرة" قلت: فما يغني عنهم ذلك؟ قال : "إنهم لا يجدون عظمًا إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها الذي كان فيها يوم أكلت فلا يستنق أحد منكم بعظم ولا بعرة" (١) وهذا إسناد غريب جدًا ولكن فيه رجل مبهم لم يسم.

وقد روى الحافظ أبو نعيم من حديث بقية بن الوليد: حدثني [نمير بن زيد القيني، حدثنا أبي، حدثنا قحافة بن ربيعة، حدثني الزبير] (٢) بن العوام قال: صلى بنا رسول الله صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال: "أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة؟ " فأسكت القوم ثلاثًا، فمرَّ بي فأخذ بيدي فجعلت أمشي معه حتى حبست عنا جبال المدينة كلها، وأفضينا إلى أرض براز فإذا برجال طوال كأنهم الرماح [مستثغرين بثيابهم من بين أرجلهم، فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديدة] (٣) (٤) ثم ذكر نحو حديث ابن مسعود المتقدم، وهذا حديث غريب، والله أعلم.

ومما يتعلق بوفود الجن ما رواه الحافظ أبو نعيم: حدثنا أبو محمد بن حبان، حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح، حدثنا يعقوب الدورقي، حدثنا الوليد بن بكير التيمي، حدثنا حصين بن عمر، أخبرني عُبيد المكتب، عن إبراهيم قال: خرج نفر من أصحاب عبد الله يريدون الحج حتى إذا كانوا في بعض الطريق إذا هم بحية تنثني على الطريق أبيض، ينفح منه ريح المسك فقلت لصحابي: امضوا فلست ببارح حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمر هذه الحية. قال: فما لبثت أن ماتت فعمدت إلى خرقة بيضاء فلففتها فيها ثم نحيتها عن الطريق، فدفنتها وأدركت أصحابي في المتعشى. قال: فوالله إنا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب فقالت واحدة منهن: أيكم دفن عمرًا. قلنا: ومن عمرو، قالت: أيكم دفن الحية؟ قال: فقلت: أنا. قالت: أما والله لقد دفنت صوامًا قوامًا، يأمر بما أنزل الله تعالى، ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته من السماء قبل أن يبعث بأربعمائة عام. قال الرجل: فحمدنا الله تعالى ثم قضينا حجتنا ثم مررت بعمر بن الخطاب بالمدينة، فأنبأته بأمر الحية فقال: صدقت سمعت رسول الله يقول: "لقد آمن بي قبل أن أبعث بأربعمائة سنة" (٥). وهذا حديث غريب جدًا، والله أعلم.


(١) سنده ضعيف لإبهام شيخ أبي سلام.
(٢) زيادة من (حم) و (مح).
(٣) زيادة من (حم) و (مح).
(٤) سنده ضعيف لضعف نمير بن يزيد القيني كما في ميزان الاعتدال.
(٥) دلائل النبوة لأبي نعيم ص ٣٠٦، وسنده ضعيف لأن إبراهيم وهو النخعي لم يسمع من ابن مسعود.