للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أخبرنا جرير، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله في الحجر: "والله ليبعثنَّه الله يوم القيامة له عينان ينظر بهما ولسان ينطق به ويشهد على من استلمه بالحق، فمن استلمه فقد بايع الله تعالى" ثم قرأ رسول الله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ (١). ولهذا قال تعالى ههنا: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ أي: إنما يعود وبال ذلك على الناكث والله غني عنه ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ أي: ثوابًا جزيلاً. وهذه البيعة هي بيعة الرضوان وكانت تحت شجرة سمر بالحديبية، وكان الصحابة الذين بايعوا رسول الله يومئذٍ قيل: ألفًا وثلاثمائة، وقيل: وأربعمائة، وقيل: وخمسمائة، والأوسط أصح.

ذكر الأحاديث الواردة في ذلك:

قال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر قال: كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة (٢).

ورواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة به (٣)، وأخرجاه أيضًا من حديث الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر قال: كنا يومئذٍ ألفًا وأربعمائة، ووضع يده في ذلك الماء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه حتى رووا كلهم (٤)، وهذا مختصر من سياق آخر حين ذكر قصة عطشهم يوم الحديبية، وأن رسول الله أعطاهم سهمًا من كنانته فوضعوه في بئر الحديبية، فجاشت بالماء حتى كفتهم فقيل لجابر: كم كنتم يومئذٍ؟ قال: كنا ألفًا وأربعمائة ولو كنا مائة ألف لكفانا، وفي رواية في الصحيحين عن جابر أنهم كانوا خمس عشرة مائة (٥).

وروى البخاري من حديث قتادة قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال: خمس عشرة مائة (٦)، [قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة قال : وهم، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة] (٧) قال البيهقي: هذه الرواية تدل على أنه كان في القديم يقول خمس عشرة مائة، ثم ذكر الوهم فقال أربع عشرة مائة (٨)، وروى


(١) أخرجه الإمام أحمد (المسند ٥/ ٩١ ح ٢٢١٥)، وابن ماجه (السنن، المناسك، باب استلام الحجر ح ٢٩٤٤) من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم به بدون ذكر الآية، وصححه محققو المسند، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٣٨٢)
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨] ح ٤٨٤٠).
(٣) صحيح مسلم، الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش. (ح ١٨٥٦/ ٧١).
(٤) صحيح البخاري، الأشربة، باب شُرب البركة (ح ٥٦٣٩)، وصحيح مسلم، الإمارة، الباب السابق (ح ١٨٥٦/ ٧٤) واللفظ للبخاري ولفظ مسلم ليس فيه معجزة نبع الماء.
(٥) نفس المصدرين السابقين (صحيح مسلم ح ١٨٥٦/ ٧٢ وصحيح البخاري ح ٥٦٣٩).
(٦) أخرجه البخاري من طريق سعيد، وهو ابن أبي عروبة عن قتادة به (الصحيح، المغازي، غزوة الحديبية ح ٤١٥٣). وقد جمع الحافظ ابن حجر فقال: والجمع بين هذا الاختلاف عن جابر أنهم كانوا زيادة على ألف وأربعمائة، فمن اقتصر عليها ألغى الكسر، ومن قال: ألف وخمسمائة جبره (فتح الباري ٧/ ١٠٢).
(٧) زيادة من (حم) و (مح).
(٨) دلائل النبوة ٤/ ٩٧.