للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مروان بن معاوية، عن عبد الواحد ابن أيمن، عن عُبيد بن رِفاعة، عن أبيه به (١).

وفي الحديث المرفوع: "من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن" (٢).

ثم قال: ﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً﴾ أي: هذا العطاء الذي منحكموه هو فضل منه عليكم ونعمة من لدنه ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي: عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدرته.

﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)﴾.

يقول تعالى آمرًا بالإصلاح بين الفئتين الباغين بعضهم على بعض: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ فسماهم مؤمنين مع الاقتتال، وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم، وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن، عن أبي بكرة قال: إن رسول الله خطب يومًا، ومعه على المنبر الحسن بن علي ، فجعل ينظر إليه مرة، وإلى الناس أخرى ويقول: "إن ابني هذا سيد ولعلَّ الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" (٣). فكان كما قال ، أصلح الله به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة، والواقعات المهولة.

وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ أي: حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله، وتسمع للحق وتطيعه، كما ثبت في الصحيح عن أنس، أن رسول الله قال: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" قلت: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال : "تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه" (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عارم، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي يحدث أن أنسًا قال: قيل للنبي ، لو أتيت عبد الله بن أُبي، فانطلق إليه النبي ، وركب حمارًا وانطلق المسلمون


= وأخرجه البخاري من طريق زياد بن أيوب به (الأدب المفرد ح ٦٩٩) وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ح ٥٣٨)، وأخرجه الحاكم من طريق ابن أبي مسرة عن خلاد بن يحيى عن عبد الواحد بن أيمن به وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: والحديث مع نظافة إسناده أخاف أن لا يكون موضوعًا، رواه عن خلاد: ابن أبي مسره. (المستدرك ١/ ٥٠٦ - ٥٠٧) وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح. (مجمع الزوائد ٦/ ١٢٥).
(١) السنن الكبرى، عمل اليوم والليلة، باب الاستنصار عند اللقاء (ح ١٠٤٤٥).
(٢) أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب (السنن، الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة ح ٢١٦٥)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ١١٣)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ١٧٥٨).
(٣) صحيح البخاري، الصلح، باب قول النبي للحسن بن علي … (ح ٢٧٠٤).
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة المائدة آية ٢.