للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)﴾ قد تقدم الكلام على حديث النفخ في الصور والفزع والصعق والبعث، وذلك يوم القيامة. وفي الحديث أن رسول الله قال: "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته وانتظر أن يؤذن له" قالوا: يا رسول الله كيف نقول؟ قال : "قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل" فقال القوم: حسبنا الله ونعم الوكيل (١).

﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١)﴾ أي: ملك يسوقه إلى المحشر وملك يشهد عليه بأعماله هذا هو الظاهر من الآية الكريمة، وهو اختيار ابن جرير ثم روي من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن يحيى بن رافع مولى لثقيف قال: سمعت عثمان بن عفان يخطب فقرأ هذه الآية ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١)﴾ فقال: سائق يسوقها إلى الله تعالى وشاهد يشهد عليها بما عملت (٢)، وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد (٣).

وقال مُطرِّف، عن أبي جعفر مولى أشجع، عن أبي هريرة قال: السائق الملك والشهيد (٤) العمل، وكذلك قال الضحاك والسدي (٥).

وقال العوفي، عن ابن عباس: السائق من الملائكة والشهيد الإنسان نفسه، يشهد على نفسه (٦)، وبه قال الضحاك بن مزاحم أيضًا (٧).

وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)﴾.

(أحدها): أن المراد بذلك الكافر، رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس (٨)، وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان.

(والثاني): أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة، والدنيا كالمنام، وهذا اختيار ابن جرير، ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله، عن عبد الله بن عباس (٩).


= (الضعفاء الكبير ٤/ ٢٠٠، ومجمع الزوائد ٢/ ٣٢٣).
(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٧٣ وفي سورة آل عمران آية ١٧٣.
(٢) أخرجه الطبري من طريق إسماعيل بن أبي خالد، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق عن إسماعيل بن أبي خالد به، وفي سنده يحيى بن رافع ترجم له البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وسكتا عنه. وأخرجه البستي من طريق رجل مبهم عن عثمان.
(٣) أخرجه الطبري من طريق خُصيف عن مجاهد، وخصيف سيء الحفظ، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد: الملكان: كاتب وشهيد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٤) في سنده أبو جعفر سكت عنه البخاري في التاريخ الكبير ونقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن أبيه أنه لا يدري من هو؟ ويشهد له ما يليه.
(٥) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به. ويشهد له سابقه ولاحقه.
(٧) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٨) أخرجه الطبري بسند ثابت عن علي به.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق الزهري عن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.