للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مطولًا عن أنس بن مالك موقوفًا وفيه غرائب كثيرة (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد ، عن رسول الله قال: "إن الرجل في الجنة ليتكئ في الجنة سبعين سنة [قبل أن يتحول] (٢)، ثم تأتيه امرأة تضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة، وأن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام فيسألها من أنت؟ فتقول أنا من المزيد وإنه ليكون عليها سبعون حلة أدناها مثل النعمان من طوبى فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك، وإن عليها من التيجان إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب" (٣). وهكذا رواه عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج به.

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠)﴾.

يقول تعالى: وكم أهلكنا قبل هؤلاء المكذبين ﴿مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا﴾ أي: كانوا أكثر منهم وأشد قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ولهذا قال ههنا: ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ قال ابن عباس: أثروا فيها (٤).

وقال مجاهد: ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ﴾ ضربوا في الأرض (٥). وقال قتادة: فساروا في البلاد؛ أي: ساروا فيها يبتغون الأرزاق والمتاجر والمكاسب أكثر مما طفتم بها (٦). ويقال لمن طوَّف في البلاد نقب فيها، قال امرؤ القيس (٧):

لقد نقبت في الآفاق حتى … رضيت من الغنيمة بالإياب (٨)

وقوله: ﴿هَلْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ أي: هل من مفرٍّ كان لهم من قضاء الله وقدره؟ وهل نفعهم ما جمعوه؟ وردَّ عنهم عذاب الله إذ جاءهم لما كذبوا الرسل فأنتم أيضًا لا مفرَّ لكم ولا محيد ولا مناص ولا محيص.

وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى﴾ أي: لعبرة ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ أي: لب يعي به.

وقال مجاهد: عقل ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ أي: استمع الكلام فوعاه وتعقله وتفهمه بلبه.

وقال مجاهد: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ﴾ يعني: لا يحدث نفسه في هذا بقلب (٩).


(١) أخرجه الطبري، وسنده ضعيف كسابقه.
(٢) زيادة من (حم) و (مح) والمسند.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٧٥) وسنده ضعيف لضعف رواية دراج عن أبي الهيثم.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٥) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) لم أجده بهذا اللفظ ولكن أخرج عبد الرزاق والطبري بسند صحيح عن معمر عن قتادة بلفظ: "حاص أعداء الله، فوجدوا أمر الله لهم مدركًا".
(٧) ديوان امرئ القيس ص ٩٩.
(٨) استشهد به الطبري.
(٩) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح بلفظ: "وهو لا يحدث نفسه" شاهد القلب.