للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "الريح مسخرة من الثانية" - يعني: من الأرض الثانية -، فلما أراد الله تعالى أن يهلك عادًا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحًا تهلك عادًا قال: أي ربِّ أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار لا إذًا تكفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله في كتابه: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)(١).

هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفًا على عبد الله بن عمرو من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك، والله أعلم.

قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ قالوا: هي الجنوب (٢).

وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" (٣).

﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)﴾ قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم (٤). والظاهر أن هذه كقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ﴾ [فصلت: ١٧] وهكذا قال ههنا: ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤)﴾ وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ﴾ أي: من هرب ولا نهوض ﴿وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ﴾ أي: لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه.

وقوله: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة.

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)﴾.

يقول تعالى منبهًا على خلق العالم العلوي والسفلي ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا﴾ أي: جعلناها سقفًا محفوظًا رفيعًا ﴿بِأَيْدٍ﴾ أي: بقوة، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والثوري وغير واحد (٥). ﴿وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ أي: قد وسعنا أرجاءها فرفعناها بغير عمد حتى استقلت كما هي

﴿وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا﴾ أي:


(١) أخرجه الحاكم من طريق عبد الله بن وهب به وصححه وتعقبه الذهبي بقوله: "منكر". (المستدرك ٤/ ٥٩٤). وكذلك قال الحافظ ابن كثير. وثقدم تخريجه في تفسير سورة الروم آية ٤٨.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق الحارث بن عبد الرحمن خال ابن أبي ذئب عن سعيد بن المسيب.
(٣) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأحزاب آية ٩.
(٤) ذكره الطبري بلفظه.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.