للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان: كثُر وهمه فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، فهذا الحديث من غرائب رواياته، فإن فيه نكارة وغرابة ألفاظ وسياقًا عجيبًا ولعله منام، والله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله أنه قال: رأى رسول الله جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سد الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم (١). انفرد به أحمد.

وقال أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن إدريس بن منبه، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس قال: سأل النبي جبريل أن يراه في صورته فقال: ادع ربك، فدعا ربه ﷿ فطلع عليه سواد من قبل المشرق فجعل يرتفع وينتشر، فلما رآه النبي صعق، فأتاه فنعشه ومسح البزاق عن شدقه (٢). تفرد به أحمد.

وقد رواه ابن عساكر في ترجمة عُتبة بن أبي لهب من طريق محمد بن إسحاق، عن عثمان بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن هبار بن الأسود قال: كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام فتجهزت معهما، فقال ابنه عتبة: والله لأنطلقنَّ إلى محمد ولآذينه في ربه ، فانطلق حتى أتى النبي فقال: يا محمد هو يكفر بالذي دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فقال النبي : "اللَّهم سلط عليه كلبًا من كلابك" ثم انصرف عنه فرجع إلى أبيه فقال: يا بُني ما قلت له، فذكر له ما قاله، فقال: فما قال لك؟ قال: قال: "اللَّهم سلط عليه كلبًا من كلابك" قال: يا بُني والله ما آمن عليك دعاءه، فسرنا حتى نزلنا الشراة وهي مأسدة، ونزلنا إلى صومعة راهب فقال الراهب: يا معشر العرب، ما أنزلكم هذه البلاد فإنها يسرح الأسد فيها كما تسرح الغنم. فقال لنا أبو لهب: إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي، وإن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة، والله ما آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها، ففعلنا فجاء الأسد فشمَّ وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة فإذا هو فوق المتاع، فشمَّ وجهه ثم هزمه هزمةً ففسخ رأسه فقال أبو لهب: قد عرفت أنه لا ينفلت عن دعوة محمد (٣).

وقوله تعالى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)﴾ أي: فاقترب جبريل إلى محمد لما هبط عليه إلى الأرض حتى كان بينه وبين محمد قاب قوسين؛ أي: بقدرهما إذا مُدَّا، قاله مجاهد وقتادة (٤). وقد قيل: إن المراد بذلك بُعد ما بين وتر القوس إلى كِبدها.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٦/ ٢٩٤ ح ٣٧٤٨) وضعف سنده محققوه إذ أعلّوه بشريك وهو ابن عبد الله النخعي. اهـ. ولكن الشق الأول له شواهد صحيحة ستأتي.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١١٨ ح ٢٩٦٥) وضعف سنده محققوه، وأعلّوه بإدريس بن منبه. والشدق هو جانب الفم من باطن الخدين.
(٣) أخرجه الحاكم من حديث أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه مختصرًا وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٥٣٩) وحسنه الحافظ ابن حجر (فتح الباري ٤/ ٣٩).
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بنحوه، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "جبريل".