للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى القرطبي (١) عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض] (٢).

وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى.

وسياق الآية يقتضي أن حواء خلقت قبل دخول آدم الجنة.

وقد صرح بذلك محمد بن (٣) إسحاق؛ حيث قال: لما فرغ الله من معاتبة إبليس أقبل على آدم، وقد علَّمه الأسماء كلها؛ فقال: ﴿يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ … ﴾ [البقرة: ٣٣] إلى قوله: [﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ (الْحَكِيمُ) (٤)[البقرة: ٣٢]] (٥) قال: ثم ألقيت السِّنَةُ على آدم فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، (عن ابن عباس وغيره) (٦)؛ ثم أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحمًا، وآدم نائم لم يهب من نومه، حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء؛ فسواها امرأةً ليسكن إليها. فلما كشف عنه السنة وهب من نومه رآها إلى جنبه؛ فقال - فيما يزعمون والله أعلم: "لحمي ودمي (وزوجتي) (٧) "؛ فسكن إليها. فلما زوجه الله، وجعل له سكنًا من نفسه، قال له (قبلًا) (٨): ﴿يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.

ويقال: إن خلق حواء كان بعد دخول الجنة، كما قال السدي في (خبر) (٩)، ذكره (١٠) عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مرة عن ابن مسعود؛ وعن ناس من الصحابة: أُخرج إبليس من الجنة، وأسكن آدم الجنة؛ فكان يمشي فيها (وحشًا) (١١) ليس له زوج يسكن إليه، فنام نومةً، فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: (تسكن) (١٢) إليّ. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء. قالوا: ولم حواء؟ قال: إنها خلقت من شيء حيٍّ (١٣)، قال الله: ﴿يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا﴾.


(١) في "تفسيره" (١/ ٣٠٢) وعبارته هناك: "ولا التفات لما ذهب إليه المعتزلة والقدرية من أنه لم يكن في جنة الخلد، وإنما كان في جنة بأرض عدن، واستدلوا على بدعتهم … إلخ".
(٢) ساقط من (ز) و (ض) و (هـ)، وسقط من سياق (ع) واستدركه الناسخ في "الحاشية" بخط دقيق جدًّا.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧١١) قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، يعني: ابن الفضل، عن ابن إسحاق بسنده سواء. وقد تقدم أن هذا الإسناد ضعيف جدًّا.
(٤) كذا في كل "الأصول"، وهو الموافق لما في "تفسير الطبري" (١/ ٥١٤ - شاكر)، ووقع في (ك): إلى قوله: " ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] ".
(٥) سقطت هذه اللفظة من (هـ).
(٦) هذه الجملة ثابتة في كل "الأصول"، وضرب عليها ابن المحب في (ج).
(٧) كذا في كل "الأصول" وهو الموافق لما في "تفسير الطبري"، ووقع في (ز) و (ض): "روحي".
(٨) في (ن): "قبيلًا" وفي هامش (ى): يعني: "مشافهة".
(٩) في (ز) و (ض): "تفسيره".
(١٠) أخرجه ابن جرير (٧١٠) [وسنده ضعيف].
(١١) في (ن): "وحيشًا"؛ وفي "القاموس": "الوحش: حيوان البر، كالوحيش" ووقع في "القرطبي" (١/ ٣٠١): "مستوحشًا".
(١٢) في (ز) و (ن): "لتسكن" وما في سائر "الأصول" هو الموافق لما في "تفسير الطبري".
(١٣) وأخرجه ابن منده في "التوحيد" (٨١) من طريق عبد الله بن محمد بن النعمان قال: حدثنا عمرو بن حماد، =