للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحاول ابن خزيمة أن يدعي انقطاعه بين عبد الله بن شقيق وبين أبي ذرٍّ، وأما ابن الجوزي فتأوله على أن أبا ذرٍّ لعله سأل رسول الله قبل الإسراء فأجابه بما أجابه به، ولو سأله بعد الإسراء لأجابه بالإثبات، وهذا ضعيف جدًا، فإن عائشة أم المؤمنين قد سألت عن ذلك بعد الإسراء ولم يثبت لها الرؤية، ومن قال إنه خاطبها على قدر عقلها أو حاول تخطئتها فيما ذهبت إليه كابن خزيمة في كتاب التوحيد، فإنه هو المخطئ والله أعلم.

وقال النسائي: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن منصور، عن الحكم، عن يزيد بن شريك، عن أبي ذرٍّ قال: رأى رسول الله ربه بقلبه ولم يره ببصره (١). وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن علي بن مسهر، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة أنه قال في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)﴾ قال رأى جبريل (٢).

وقال مجاهد في قوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)﴾ قال: رأى رسول الله جبريل في صورته مرتين (٣)، وكذا قال قتادة والربيع بن أنس وغيرهم (٤).

وقوله تعالى: ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)﴾ قد تقدم في أحاديث الإسراء أنه غشيتها الملائكة مثل الغربان وغشيها نور الربِّ وغشيتها ألوان ما أدري ما هي (٥)؟ وقال الإمام أحمد: حدثنا مالك بن مغول، حدثنا الزبير بن عدي، عن طلحة، عن مُرَّة، عن عبد الله هو ابن مسعود قال: لما أسري برسول الله انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض، فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)﴾ قال فراش من ذهب، قال: وأعطى رسول الله ثلاثًا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله شيئًا من أمته المقحمات (٦). انفرد به مسلم.

وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي هريرة أو غيره - شك أبو جعفر - قال: لما أُسري برسول الله انتهى إلى السدرة، فقيل له إن هذه السدرة، فغشيها نور الخلاق وغشيتها الملائكة مثل الغربان حين يقعن على الشجر، وقال فكلمه عند ذلك فقال له سَل (٧).

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)﴾ قال كان أغصان السدرة لؤلؤًا


(١) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير ح ١١٥٣٦) وحكمه كسابقه.
(٢) صحيح مسلم، الباب السابق (ح ١٧٥/ ٢٨٣).
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سلمة بن كهيل عن مجاهد وهو مرسل ويشهد له ما تقدم في الأحاديث السابقة وفي بداية تفسير سورة الإسراء.
(٤) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس.
(٥) تقدم في تفسير سورة الإسراء آية ١.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٤٢٢) وسنده صحيح وأخرجه الإمام مسلم من طريق مالك بن مغول به (الصحيح، الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى ح ١٧٣).
(٧) تقدم تخريجه وتضعيفه في بداية تفسير سورة الإسراء، وفيه شك أبي جعفر وهو سيئ الحفظ.