للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة. غير هذه الثلاثة التي نصَّ عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها.

قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة. لها سدنة وحجاب وتهدى لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم ومسجده: فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم، حلفاء بني هاشم (١). قلت: بعث إليها رسول الله خالد بن الوليد فهدمها وجعل يقول:

يا عُزى كفرانك لا سبحانك … إني رأيت الله قد أهانك

وقال النسائي: أخبرنا علي بن المنذر، أخبرنا ابن فضيل، حدثنا الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النبي فأخبره فقال: "ارجع فإنك لم تصنع شيئًا" فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة وهم حجبتها أمعنوا في الحيل وهم يقولون: يا عُزى، يا عُزى، فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها، فغمسها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله فأخبره فقال: "تلك العزى! " (٢).

قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب.

قلت: وقد بعث إليها رسول الله المغيرة بن شعبة، وأبا سفيان صخر بن حرب، فهدماها وجعلا مكانها مسجدًا بالطائف. قال ابن إسحاق: كانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، فبعث رسول الله إليها أبا سفيان صخر بن حرب فهدمها، ويقال علي بن أبي طالب قال: وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة.

قلت: وكان يقال لها: الكعبة اليمانية، وللكعبة التي بمكة الكعبة الشامية، فبعث إليه رسول الله جرير بن عبد الله البجلي فهدمه، قال: وكانت فَلْس لطيء ومن يليها بجبل طيء من سلمى وأجا.

قال ابن هشام: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله يبعث إليه علي بن أبي طالب فهدمه، واصطفى منه سيفين: الرسوف والمخذَم، فنفله إياهما رسول الله فهما سيفا علي (٣).

قال ابن إسحاق: وكان لحميرَ وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام، وذكر أنه كان به كلب


(١) ذكره ابن هشام (السيرة النبوية ١/ ٨٣).
(٢) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير، باب قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩)﴾ [النجم] ح ١١٥٤٧)، وأخرجه أبو يعلى من طريق محمد بن فضيل به (المسند ٢/ ١٩٦ ح ٩٠٢) وصحح سنده محققه.
(٣) ذكره ابن هشام (السيرة النبوية ١/ ٨٧).