للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فأزالهما) (١)؛ أي: فنحاهما.

ويصح أن يكون عائدًا على أقرب المذكورين، وهو والشجرة، فيكون معنى الكلام - كما قال الحسن (٢)، وقتادة: فأزلهما؛ أي: من (قبل) (٣) الزلل، فعلى هذا يكون تقدير الكلام: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ أي: بسببها، كما قال (تعالى) (٤): ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩)[الذاريات] أي: يصرف بسببه من هو مأفوك؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ أي: من اللباس، والمنزل الرحب، والرزق الهنيء، والراحة.

﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ أي: قرار وأرزاق وآجال.

﴿إِلَى حِينٍ﴾ أي: إلى وقت مؤقت ومقدار معين، ثم تقوم القيامة.

وقد ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده، وأبي العالية، ووهب بن منبه، وغيرهم ها هنا أخبارًا إسرائيليةً عن قصة الحية وإبليس، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة ووسوسته؛ وسنبسط (٥) ذلك إن شاء الله في سورة الأعراف؛ فهناك القصة أبسط منها ها هنا. والله الموفق.

وقد قال ابن أبي حاتم (٦) ها هنا: حدثنا علي بن (الحسين) (٧) بن إشكاب، حدثنا علي بن عاصم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أُبي بن كعب؛ قال: قال رسول الله : "إن الله خلق آدم رجلًا طوالًا كثير شعر الرأس، كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه؛ فأول ما بدا منه عورته؛ فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة، فنازعها، فناداه الرحمن: يا آدم، مني تفر.

فلما سمع كلام الرحمن قال: يا رب؛ لا، ولكن استحياءً".

قال (٨): وحدثني جعفر بن أحمد بن الحكم (القومسي) (٩) سنة أربع وخمسين مائتين، حدثنا (سليم) (١٠) بن منصور بن عمار، حدثنا علي بن عاصم، عن سعيد، عن قتادة، عن أُبي بن


(١) في (ز) و (ض) و (ك): "فأزلهما" وفيه تضييع لهذا الوجه.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٨، ٣٨٩) عنهما.
(٣) في (ز) و (ض) و (ى): "قبيل".
(٤) من (ز) و (ع) و (ن) و (ى).
(٥) ويأتي تخريجه أيضًا هناك إن شاء الله تعالى.
(٦) في "تفسيره" (٣٩٢).
وقال الحافظ في "الفتح" (٦/ ٣٦٧): "إسناده حسن".
(٧) وقع في (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ل) و (ى): "الحسن" وهو خطأ، هو علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان أبو الحسن بن إشكاب البغدادي ثقة مأمون.
(٨) يعني: ابن أبي حاتم رقم (٣٩٣).
(٩) كذا في (ع) و (ك) و (ل) و (هـ) و (ى) وهو الموافق لما في "تفسير ابن أبي حاتم"، و"قومس" بضم القاف وسكون الواو وكسر الميم ثم سين مهملة ناحية تقع بين "الري" و"نيسابور" كما في "معجم البلدان" (٤/ ٤١٤). ووقع في (ض): "القونسي" وفي (ز) و (ن): "القرشي" وكلاهما خطأ.
(١٠) وقع في كل "الأصول": "سليمان" وهو خطأ، وصوابه: "سليم" كما ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢/ ١/ ٢١٦)؛ والخطيب في "تاريخه" (٩/ ٢٣٢)؛ و"الميزان" (٢/ ٢٣٢)؛ و"اللسان" (٣/ ١١٢) وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه فقلت: أهل بغداد يتكلمون فيه، فقال: مه، سألت ابن أبي الثلج عنه فقلت له: إنهم يقولون: كتب عن ابن علية وهو صغير، فقال: لا، كان هو أسن منا".