للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يوسف بن الحجاج، عن أبي أُمامة قال: يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ (١).

وقال العوفي والضحاك وغيرهما، عن ابن عباس: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورًا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلًا من الله إلى الجنة، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فاظلم الله على المنافقين فقالوا: حينئذٍ ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون: ﴿ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ﴾ من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور (٢).

وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا الحسن بن عرفة بن علوية القطان، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار، حدثنا إسحاق بن بشر بن حذيفة، حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترًا منه على عباده، وأما عند الصراط فإن الله تعالى يعطي كل مؤمن نورًا وكل منافق نورًا، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ وقال المؤمنون: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨] فلا يذكر عند ذلك أحد أحدًا" (٣).

وقوله تعالى: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ قال الحسن وقتادة: هو حائط بين الجنة والنار (٤).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال الله تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ (٥) [الأعراف: ٤٦] وهكذا روي عن مجاهد (٦) وغير واحد وهو الصحيح ﴿بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ﴾ أي: الجنة وما فيها ﴿وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ أي: النار، قاله قتادة وابن زيد وغيرهما (٧).

قال ابن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم. ثم قال: حدثنا ابن البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد، عن عطية بن قيس، عن أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: إن السور الذي ذكره الله في القرآن ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ وهو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه وظاهره وادي جهنم (٨). ثم روي عن عبادة بن الصامت وكعب الأحبار وعلي بن الحسين زين


(١) يوسف بن حجاج لم أعرف من هو؟ ويتقوى بسابقه، فإنه طرف من سابقه.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، وطريق الضحاك عن ابن عباس منقطع لأنه لم يلقاه، ولكن يشهد له ما سبق.
(٣) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١١/ ١٢٢ ح ١١٢٤٢) وسنده ضعيف جدًا لأن إسحاق بن بشر متروك (مجمع الزوائد ١٠/ ٣٩٥).
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٦) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجهما الطبري بالسندين المتقدمين الصحيحين عن قتادة وابن زيد.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه الحاكم من طريق سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس به وصححه =