للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [البروج: ٩]. وقوله: ﴿ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: ٤٦] وقوله: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ الآية [الرعد: ٣٣].

وقوله تعالى: ﴿الْعَزِيزُ﴾ أي: الذي قد عزَّ كل شيء فقهره وغلب الأشياء فلا ينال جنابه لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه، ولهذا قال تعالى: ﴿الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾ أي: الذي لا تليق الجبرية إلا له ولا التكبر إلا لعظمته، كما تقدم في الصحيح: "العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدًا منهما عذبته" (١).

وقال قتادة: ﴿الْجَبَّارُ﴾ الذي جبر خلقه على ما يشاء (٢).

وقال ابن جرير: ﴿الْجَبَّارُ﴾ المصلح أمور خلقه المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم (٣). وقال قتادة: ﴿الْمُتَكَبِّرُ﴾ يعني: عن كل شر (٤)، ثم قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾

وقوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ الخلق التقدير والبرء هو [الفري] (٥)، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود وليس كل من قدر شيئًا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله ﷿. قال الشاعر (٦) يمدح آخر:

ولأنت تفري ما خلقت … وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

أي: أنت تنفذ ما خلقت؛ أي: قدرت، بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد، فالخلق التقدير والفري التنفيذ، ومنه يقال: قدر الجلَّاد ثم فرى؛ أي: قطع على ما قدره بحسب ما يريده.

وقوله تعالى: ﴿الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ أي: الذي أراد شيئًا قال له كن فيكون على الصفة التي يريد، والصورة التي يختار كقوله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)[الانفطار] ولهذا قال: ﴿الْمُصَوِّرُ﴾ أي: الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها.

وقوله تعالى: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ قد تقدم الكلام على ذلك في سورة الأعراف (٧). ونذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة، عن رسول الله : "إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر". وتقدم سياق الترمذي وابن ماجه له عن أبي هريرة أيضًا وزاد بعد قوله: "وهو وتر يحب الوتر". واللفظ للترمذي: "هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت،


(١) أخرجه مسلم (الصحيح، البر والصلة، باب تحريم الكبر ح ٢٦٢٠).
(٢) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٣) ذكره الطبري.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صحف إلى: "الذي".
(٦) هو زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان، والبيت في ديوانه ص ٩٤.
(٧) آية ١٨٠.