للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مبينة فتخرج من المنزل والفاحشة المبينة تشمل الزنا كما قاله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أبو قلابة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني والسدي وسعيد بن أبي هلال وغيرهم (١).

وتشمل ما إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال كما قاله أُبي بن كعب وابن عباس (٢) وعكرمة وغيرهم. وقوله: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ أي: شرائعه ومحارمه ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ﴾ أي: يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها فقد ظلم نفسه؛ أي: بفعل ذلك.

وقوله: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ أي: إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله تعالى في قلبه رجعتها فيكون ذلك أيسر وأسهل.

قال الزهري: عن عبيد الله بن عبد الله، عن فاطمة بنت قيس في قوله: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ قالت: هي الرجعة (٣). وكذا قال الشعبي وعطاء وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والثوري (٤).

ومن ههنا ذهب من ذهب من السلف ومن تابعهم كالإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى إلى أنه لا تجب السكنى للمبتوتة؛ أي: المقطوعة وكذا المتوفى عنها زوجها، واعتمدوا أيضًا على حديث فاطمة بنت قيس الفهرية حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلاث تطليقات وكان غائبًا عنها باليمن، فأرسل إليها بذلك فأرسل إليها وكيله بشعير يعني نفقة فتسخطته فقال: والله ليس لكي علينا نفقة، فأتت رسول الله فقال: "ليس لك عليه نفقة" (٥). ولمسلم ولا "سكنى"، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدِّي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك" الحديث (٦).

وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر فقال: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا مجالد،


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، ويشهد له ما أخرجه الحاكم من قول ابن عمر وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٩١)، وأخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي وهب عن ابن زيد، وأخرجه عبد الرزاق والطبري بسند ضعيف من طريق صالح بن مسلم عن عامر الشعبي وصالح بن مسلم هو ابن رومان وهو ضعيف (التقريب ص ٥٤٥) ويشهد له ما تقدم.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٤/ ١٧٤) والطبري بسند حسن من طريق محمد بن إبراهيم عن ابن عباس.
(٣) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن الزهري به (مصنف عبد الرزاق رقم ١٢٠٢٤).
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح من طريق ابن علية عن أيوب عن عكرمة، (المصنف ٥/ ٢٦٢) وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أيوب عن الحسن.
(٥) أخرجه مسلم بنحوه (الصحيح، باب المطلقة ثلاثًا ح ١٤٨٠/ ٤١).
(٦) المصدر السابق (١٤٨٠/ ٤٢).