للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثنا عامر قال: قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس فحدثتني أن زوجها طلقها على عهد النبي ، فبعثه رسول الله في سرية قالت: فقال لي أخوه: اخرجي من الدار. فقلت: إن لي نفقة وسكنى حتى يحلّ الأجل. قال: لا. قالت: فأتيت رسول الله فقلت: إن فلانًا طلقني وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة فقال له: "ما لك ولابنة آل قيس". قال: يا رسول الله إن أخي طلقها ثلاثًا جميعًا. قالت: فقال رسول الله : "انظري يا بنت آل قيس إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى اخرجي فانزلي على فلانة"، ثم قال: "إنه يتحدث إليها انزلي على ابن أم مكتوم فإنه أعمى لا يراك" (١). وذكر تمام الحديث.

وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الله البزار التُّستري، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف، حدثنا بكر بن بكار، حدثنا سعيد بن يزيد البجلي، حدثنا عامر الشعبي أنه دخل على فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس القرشي وزوجها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي فقالت: إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي وهو منطلق في جيش إلى اليمن بطلاقي، فسألت أولياءه النفقة علي والسكنى فقالوا: ما أرسل إلينا في ذلك شيئًا ولا أوصانا به، فانطلقت إلى رسول الله فقلت: يا رسول الله إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي بطلاقي فسألت أولياءه السكنى والنفقة علي فقال أولياؤه: لم يرسل إلينا في ذلك بشيء. فقال رسول الله : "إنما السكنى والنفقة للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة فإذا كانت لا تحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره فلا نفقة لها ولا سكنى" (٢). وكذا رواه النسائي عن أحمد بن يحيى الصوفي، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سعيد بن يزيد (٣) وهو الأحمسي البجلي الكوفي قال أبو حاتم الرازي: وهو شيخ يروى عنه.

﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)﴾.

يقول تعالى: إذا بلغت المعتدات أجلهن أي: شارفن على انقضاء العدة وقاربن ذلك ولكن لم تفرغ العدة الكلية، فحينئذٍ إما أن يعزم الزوج على إمساكها وهو رجعتها إلى عصمة نكاحه والاستمرار بها على ما كانت عليه عنده بمعروف؛ أي: محسنًا إليها في صحبتها، وإما أن يعزم


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٦/ ٣٧٣) وسنده ضعيف لضعف مجالد، ويتقوى بالشاهد الصحيح السابق في صحيح مسلم.
(٢) أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ٢٤/ ٣٨٢ ح ٩٤٨)، وأخرجه النسائي من طريق الفضل بن دكين عن سعيد بن يزيد به. (السنن، الطلاق، باب الرخصة في ذلك ٦/ ١٤٤ وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي ح ٣١٨٨).
(٣) الجرح والتعديل ٤/ ٧٤.