للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَالْقَلَمِ﴾ الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)[العلق] فهو قسم منه تعالى، وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم ولهذا قال: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة يعني: وما يكتبون (١).

وقال أبو الضحى، عن ابن عباس ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ أي: وما يعملون.

وقال السدي: ﴿يَسْطُرُونَ﴾ يعني: الملائكة وما تكتب من أعمال العباد (٢).

وقال آخرون: بل المراد ههنا بالقلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف عام.

وأوردوا في ذلك الأحاديث الواردة في ذكر القلم فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد يحيى بن يحيى بن سعيد القطان وبونس بن حبيب قالا: حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا عبد الواحد بن سليم السلمي، عن عطاء هو: ابن أبي رباح، حدثني الوليد بن عبادة بن الصامت قال: دعاني أبي حين حضره الموت فقال: إني سمعت رسول الله يقول: "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. قال: يا ربِّ وما أكتب؟ قال: اكتب القدر وما هو كائن إلى الأبد" (٣). وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد من طرق عن الوليد بن عبادة، عن أبيه به (٤). وأخرجه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي به وقال: حسن صحيح غريب، ورواه أبو داود في كتاب السنة من سننه عن جعفر بن مسافر، عن يحيى بن حسان، عن أبي رباح، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبي حفصة واسمه حُنيش بنُ شريح الحبشي الشامي، عن عبادة فذكره (٥).

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الله الطوسي، حدثنا علي بن الحسين بن شقيق، أنبأنا عبد الله بن المبارك، حدثنا رباح بن زيد، عن عمر بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يحدث أن رسول الله قال: إن أول شيء خلقه الله القلم، فأمره فكتب كل شيء (٦). غريب من هذا الوجه ولم يخرجوه.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَالْقَلَمِ﴾ يعني: الذي كتب به الذكر (٧).


(١) أخرجه الحاكم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس؛ وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٩٩)؛ وأخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٢) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطيالسي عن عبد الواحد بن سليم به (المسند ص ٧٩ رقم ٥٧٧)؛ وأخرجه الإمام أحمد والترمذي من طرق أخرى ترقى إلى تحسين الإسناد كما سيأتي.
(٤) أخرجه الإمام أحمد من طريق أيوب بن زياد عن عبادة بن الوليد بن عبادة به (المسند ٣٧/ ٣٨٠، ٣٨١ ح ٢٢٧٠٦) وقال محققوه: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
(٥) سنن الترمذي، القدر، باب رقم (١٧) (ح ١٥٥)؛ وسنن أبي داود، السنة، باب في القدر (ح ٤٧٠٠)؛ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٩٣٣)؛ وصححه الحافظ ابن حجر (ينظر كشف الخفاء ١/ ٢٦٣).
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وشيخ الطبري لم أجد له ترجمة لكن يشهد له سابقه.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.