للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وذكر الحافظ ابن عساكر (١) في ترجمة "عبد الواحد بن زيد البصري" العابد الواعظ قال: "دعوت الله أن يريني رفيقي في الجنة؛ فقيل لي في المنام: هي امرأة بالكوفة يقال لها: "ميمونة السوداء"، فقصدت الكوفة لأراها، فقيل لي: هي ترعى غنمًا بواد هناك، فجئت إليها فإذا هي قائمة تصلي، والغنم ترعى حولها، وبينهن الذئاب لا ينفرن منهن ولا تسطو الذئاب عليهن، فلما سلمت قالت: يا ابن زيد! ليس الموعد هاهنا! إنما الموعد ثم، فسألتها عن شأن الذئاب والغنم، فقالت: إني أصلحت ما بيني وبين سيدي، فأصلح ما بين الذئاب والغنم!، فقلت لها: عظيني، فقالت: يا عجبًا من واعظ يوعظ! ثم قالت: يا ابن زيد! إنك لو وضعت موازين القسط على] (٢) [جوارحك لخبرتك بمكتوم مكنون ما فيها، يا ابن زيد! إنه بلغني: ما من عبد أعطى من الدنيا شيئًا، فابتغى إليه ثانيًا، إلا سلبه الله حب الخلوة، وبدله بعد القرب البعد، وبعد الأنس الوحشة، ثم أنشأت تقول:

يا واعظًا قام لاحتساب … يزجر قومًا عن الذنوب

تنهى وأنت السقيم حقًّا … هذا من المنكر العجيب

تنهى عن الغي والتمادي … وأنت في النهي كالمريب

لوكنت أصلحت قبل هذا … عيبك أو تبت من قريب

كان لما قلت يا حبيبي … موضع صدق من القلوب] (٣)

﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)﴾.

يقول تعالى آمرًا عبيده فيما يؤملون من خير الدنيا والآخرة بالاستعانة بالصبر والصلاة؛ كما قال مقاتل بن (٤) حيان في تفسير هذه الآية: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلاة؛ فأما الصبر فقيل: إنه الصيام، نص عليه مجاهد (٥).

[قال القرطبي (٦) وغيره: ولهذا يسمى رمضان شهر الصبر، كما نطق به الحديث (٧)] (٨).


(١) في "تاريخ دمشق" (ج ١٠/ ق ٥٦٠، ٥٦١) بسياق أخصر، ولوائح الكذب عليها واضحة!
(٢) من (ج) و (ل) و (ى).
(٣) من (ج) و (ل) و (ى).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤٨٧)؛ والبيهقي في "الشعب" (ج ٧/ رقم ٩٦٨٥). [وسنده جيد].
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨٤)؛ وابن شاهين في "الترغيب" (٢٧٨) من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فذكره وأشار إليه البيهقي في "الشعب" (٧/ ١١٣ - طبع بيروت). [وسنده صحيح].
(٦) في "تفسيره" (١/ ٣٧٣).
(٧) أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (ج ٣/ رقم ١٨٨٧)؛ وعنه البيهقي في "الشعب" (ج ٧/ رقم ٢٣٣٦)؛ وابن أبي الدنيا (٤١)؛ وابن شاهين (١٦) كلاهما في "فضائل رمضان"؛ والواحدي في "الوسيط" (ج ١/ ق ٦٤٠/ ١، ٢)؛ والأصبهاني في "الترغيب" (١٧٢٦)؛ وابن عساكر في "جزء فيه أحاديث شهر رمضان وفضل صيامه" (١٦) من طريق علي بن حجر، ثنا يوسف بن زياد، ثنا همام بن يحيى، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي فذكر حديثًا مرفوعًا في فضل رمضان وفيه: "وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة … " قال ابن خزيمة: "إن صح الخبر".
(*) قلت: وهو لم يصح، بل هو حديث منكر كما قال أبو حاتم في "العلل" (٧٣٣) ومداره على علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. والله أعلم.
(٨) ساقط من (ز) و (ض).