للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: إثمًا (١). وقال أبو العالية والربيع وزيد بن أسلم: ﴿رَهَقًا﴾ أي: خوفًا (٢).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أي: إثمًا، وكذا قال قتادة (٣).

وقال مجاهد: زاد الكفار طغيانًا (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء الكندي، حدثنا القاسم بن مالك -يعني: المزني- عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبيه، عن كردم بن أبي السائب الأنصاري قال: خرجت مع أبي من المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملًا من الغنم فوثب الراعي فقال: يا عامر الوادي جارك، فنادى مناد لا نراه يقول: يا سرحان (٥) أرسله. فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة. وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)(٦). ثم قال: وروي عن عبيد بن عمير ومجاهد وأبي العالية والحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي نحوه (٧). وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل، وهو ولد الشاة، كان جنيًا حتى يرهب الإنسي ويخاف منه، ثم ردَّه عليه لما استجار به ليضله ويهينه ويخرجه عن دينه، والله أعلم.

وقوله تعالى ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (٧)﴾ أي: لن يبعث الله بعد هذه المدة رسولًا، قاله الكلبي وابن جرير (٨).

﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠)﴾.

يخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمدًا وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السماء مُلئت حرسًا شديدًا، وحُفَّت من سائر أرجائها، وطُردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك؛ لئلا يسترقوا شيئًا من القرآن، فيلقوه على ألسنة الكهنة فيلتبس الأمر ويختلط ولا يُدرى مَن الصادق، وهذا من لطف الله تعالى بخلقه، ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه


(١) سنده مرسل.
(٢) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس، وأخرجه الطبري أيضًا بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويشهد له ما أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أي: الذئب.
(٦) أخرجه أبو الشيخ (العظمة ٥/ ١٦٦٤ رقم ١١٠٥) والطبراني (المعجم الكبير ١٩/ ١٩١ ح ٤٣٠)، والعقيلي (الضعفاء الكبير ١/ ١٠١) كلهم من طريق القاسم بن مالك المدني به، وسنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق كما فى التقريب، ولضعف أبيه (المجروحين لابن حبان ١/ ١٣٣ وميزان الاعتدال ١/ ١٨٩).
(٧) القائل هو ابن أبي حاتم فإن من منهجه أن يذكر الموافقين من التابعين بحذف السند.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن الكلبي.