للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "المساند" (١) و"السنن" عن معاوية بن (٢) حيدة القشيري؛ قال: قال رسول الله : "أنتم توفون سبعين أمةً أنتم خيرها وأكرمها على الله".

والأحاديث في هذا كثيرة تذكر عند قوله (تعالى) (٣): ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠].

[وقيل: المراد (تفضيل) (٤) بنوع ما من الفضل على سائر الناس، ولا يلزم تفضيلهم مطلقًا؛ حكاه (فخر الدين) (٥) الرازي (٦)، وفيه نظر.

وقيل: إنهم فضلوا على سائر الأمم لاشتمال أمتهم على الأنبياء منهم، حكاه القرطبي في "تفسيره" (٧). وفيه نظر؛ لأن العالمين عام يشمل من قبلهم ومن بعدهم من الأنبياء؛ فإبراهيم الخليل قبلهم، وهو أفضل من سائر أنبيائهم. ومحمد بعدهم، وهو أفضل من جميع الخلق وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة صلوات الله وسلامه عليه] (٨).

﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)﴾.

[بحث فخر الدين الرازي (٩) ها هنا مع المعتزلة في إثبات] (١٠) [الشفاعة، فأورد لهم شبهًا وأجاب عنها.

قلت: وقد بسطت الكلام على الأحاديث المتواترة في الشفاعة وأقسامها وتعدادها وأنواعها في كتابنا "البعث والنشور" ولله الحمد والمنة] (١١).

لما ذكرهم (تعالى) (١٢) بنعمه أولًا عطف على ذلك التحذير من (حلول) (١٣) نقمه بهم يوم القيامة، فقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا﴾ يعني: يوم القيامة ﴿لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ أي: لا يغني أحد عن أحد؛ كما قال: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] وغيرها. وقال: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)[عبس] وقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ [لقمان: ٣٣]، فهذا أبلغ المقامات أن كلًا من الوالد وولده لا يغني أحدهما عن الآخر شيئًا.

وقوله (تعالى) (١٤): ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ يعني: (عن) (١٥) الكافرين؛ كما قال: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ


(١) في (ض) و (ك) و (ن): "المسانيد". ووقع في (ك): "السنن والمسانيد".
(٢) حديث حسن. وقد مر تخريجه (١/ ٢٥٤، ٢٥٥).
(٣) من (ز) و (ن).
(٤) في (ج) و (ع) و (ل): "تفضل".
(٥) ساقط من (ن) و (هـ).
(٦) وهو في تفسير الرازي" (٢/ ٥٦).
(٧) انظر: "تفسير القرطبي" (١/ ٣٧٦).
(٨) ساقط من (ز) و (ض).
(٩) في "تفسيره" (٢/ ٥٩، ٧٠).
(١٠) من (ل) وكتبها ناسخ (ج) و (ع) و (ى) في الحاشية.
(١١) من (ل) وكتبها ناسخ (ج) و (ع) و (ى) في الحاشية.
(١٢) من (ز) و (ع) و (ن) و (هـ) و (ى).
(١٣) في (ن): "طول".
(١٤) من (ز) و (ن).
(١٥) في (ن): "من".