للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِمَ؟ قال: يعطونكه فإنك أتيت محمدًا تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني أكثرهم مالًا، قال: فقل فيه قولًا يعلم قومك أنك منكر لما قال: وأنك كاره له، قال: فماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى. قال: واللهِ لا يرضى قومك حتى تقول فيه. قال: فدعني حتى أتفكر فيه، فلما فكر قال: إنْ هذا إلا سحر يؤثره عن غيره، فنزلت: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١)﴾ حتى بلغ ﴿تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ (١).

وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد نحوًا من هذا، وقد زعم السدي أنهم لما اجتمعوا في دار الندوة ليجمعوا رأيهم على قول يقولونه فيه قبل أن يقدم عليهم وفود العرب للحج ليصدوهم عنه، فقال قائلون: شاعر وقال آخرون: ساحر، وقال آخرون: كاهن، وقال آخرون: مجنون كما قال تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨)[الإسراء] كل هذا والوليد يفكر فيما يقوله فيه، ففكر وقدر ونظر وعبس وبسر، فقال: إنْ هذا إلا سحر يؤثر إنْ هذا إلا قول البشر (٢)، قال الله تعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)﴾ أي: سأغمره فيها من جميع جهاته.

ثم قال تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧)﴾ وهذا تهويل لأمرها وتفخيم، ثم فسر ذلك بقوله تعالى: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨)﴾ أي: تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم ثم تبدل غير ذلك، وهم في ذلك لا يموتون ولا يحيون، قاله [مزيدة] (٣) وأبو سنان وغيرهم.

وقوله تعالى: ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩)﴾ قال مجاهد: أي للجلد (٤).

وقال أبو رزين: تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل (٥).

وقال زيد بن أسلم: تلوح أجسادهم عليها (٦).

وقال قتادة: ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩)﴾ أي: حرَّاقة للجلد (٧).

وقال ابن عباس: تحرق بشرة الإنسان (٨).

وقوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)﴾ أي: من مقدمي الزبانية عظيم خَلْقُهم، غليظ خُلُقهم.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرني حارث، عن عامر، عن البراء في قوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)﴾ قال: إن رهطًا من


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل يتقوى بما سبق.
(٢) سنده ضعيف ويتقوى بما سبق.
(٣) كذا في تفسير الطبري، وفي الأصل صحف إلى ابن بريدة، فقد أخرجه الطبري من طريق ابن أبي ليلى عن مزيدة بنحوه.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل عن أبي رزين.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد بن أسلم بنحوه.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس ويتقوى بما سبق.