للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥)﴾ هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة، قال قتادة: كالحة (١).

وقال السدي: تغير ألوانها.

وقال ابن زيد: ﴿بَاسِرَةٌ﴾ أي: عابسة (٢).

﴿تَظُنُّ﴾ أي: تستيقن ﴿أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ قال مجاهد: داهية (٣).

وقال قتادة: شر (٤).

وقال السدي: تستيقن أنها هالكة.

وقال ابن زيد: تظن أن ستدخل النار. وهذا المقام (٥)، كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦] وكقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢)[عبس] وكقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤)﴾ إلى قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠)[الغاشية] في أشباه ذلك من الآيات والسياقات.

﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (٣٧) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣٩) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)﴾.

يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت فقال تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦)﴾ إن جعلنا "كلا" رادعة فمعناها: لست يا ابن آدم هناك تكذب بما أخبرت به بل صار ذلك عندك عيانًا، وإن جعلناها بمعنى حقًّا فظاهر؛ أي: حقًّا إذا بلغت التراقي؛ أي: انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتراقي جمع ترقوة وهي: العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق، كقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧)[الواقعة] وهكذا قال ههنا: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦)﴾ ويذكر ههنا حديث بشر بن حجاج الذي تقدم في سورة يس [٧٧]. والتراقي جمع ترقوة وهي قريبة من الحلقوم ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧)﴾؟.

قال عكرمة، عن ابن عباس: أي من راقٍ يرقي (٦)، وكذا قال أبو قلابة: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧)


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سماك عن عكرمة، وليس فيه ذكر ابن عباس .