للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال مجاهد: ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ إن قام ارتفعت معه بقدر، وإن قعد تذللت له حتَّى ينالها، وإن اضطجع تذللت له حتَّى ينالها فذلك قوله تعالى: ﴿تَذْلِيلًا﴾ (١).

وقال قتادة: لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد (٢).

وقال مجاهد: أرض الجنة من ورق وترابها المسك وأصول شجرها من ذهب وفضة وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد والياقوت والورق والثمر بين ذلك، فمن أكل منها قائمًا لم تؤذه، ومن أكل منها قاعدًا لم تؤذه، ومن أكل منها مضطجعًا لم تؤذه (٣).

وقوله: ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ﴾ أي: يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام وهي من فضة وأكواب الشراب، وهي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم.

وقوله: ﴿قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾ فالأول: منصوب بخبر "كان" أي: كانت قوارير.

والثاني: منصوب إما على البدلية أو تمييز لأنَّهُ بيَّنه بقوله: ﴿قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾.

قال ابن عَبَّاسٍ ومجاهد والحسن البصري وغير واحد: بياض الفضة في صفاء الزجاج (٤). والقوارير لا تكون إلا من زجاج، فهذه الأكواب هي من فضة وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها، وهذا مما لا نظير له في الدنيا.

قال ابن المبارك: عن إسماعيل، عن رجل، عن ابن عباس: ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة (٥). رواه ابن أبي حاتم.

وقوله تعالى: ﴿قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ أي: على قدر ريهم لا تزيد عنه ولا تنقص بل هي مُعدَّة لذلك، مقدرة بحسب ريِّ صاحبها هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح وقتادة وابن أبزى وعبد اللَّه بن عمير والشعبي وابن زيد (٦)، وقاله ابن جرير وغير واحد، وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة.

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ قدرت للكفّ (٧)، وهكذا قال الربيع بن أنس.

وقال الضحاك: على قدر كف الخادم. وهذا لا ينافي القول الأول فإنها مقدرة في القدر والري.

وقوله تعالى: ﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧)﴾ أي: ويسقون يعني الأبرار أيضًا في هذه الأكواب ﴿كَأْسًا﴾ أي: خمرًا ﴿كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾ فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو: بارد، وتارة


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد. (المصنف ٨/ ٦٧) وله شواهد في الصحيح وغيره.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن الحسن.
(٥) سنده ضعيف لأبهام الراوي عن ابن عباس.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح من طريق منصور عن مجاهد. (المصنف ٨/ ٢٨٧)، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.