للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم سبعون ألفًا، وحتى دعا موسى وهارون: ربنا أهلكت بني إسرائيل، ربنا، البقية، البقية.

فأمرهم أن (يضعوا) (١) السلاح، وتاب عليهم؛ فكان من قُتل منهم من الفريقين شهيدًا، ومن بقي مكفرًا عنه؛ فذلك قوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

وقال الزهري (٢): لما أُمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها برزوا ومعهم موسى، فاضطربوا بالسيوف، وتطاعنوا بالخناجر، وموسى رافع يديه حتى إذا (أفنوا) (٣) بعضهم قالوا: يا نبي الله، ادع الله لنا؛ وأخذوا بعضديه يسندون يديه؛ فلم يزل أمرهم على ذلك حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم بعضهم عن بعض، فألقوا السلاح.

وحزن موسى (وبنو) (٤) إسرائيل للذي كان من القتل فيهم، فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى ما يحزنك؟ أما من قتل منهم فحي عندي يرزقون. وأما من بقي فقد قبلت توبته؛ فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل. رواه ابن جرير بإسناد جيد عنه.

وقال ابن إسحاق (٥): لما رجع موسى إلى قومه، وأحرق العجل وذراه في اليم، خرج إلى ربه (بمن) (٦) اختار من قومه، فأخذتهم الصاعقة، ثم بعثوا فسأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل؛ فقال: لا، إلا أن يقتلوا أنفسهم؛ قال: فبلغني أنهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله؛ فأمر موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده؛ فجلسوا بالأفنية، وأصلت عليهم القوم السيوف، فجعلوا يقتلونهم (وبكى) (٧) موسى، (وبهش) (٨) إليه النساء والصبيان، يطلبون العفو عنهم، (٩) [فتاب (الله) (١٠) عليهم، وعفا عنهم] (٩)؛ وأمر موسى أن ترفع عنهم السيوف.

وقال عبد الرحمن (١١) بن زيد بن أسلم: لما رجع موسى إلى قومه (وكان) (١٢) سبعين رجلًا قد اعتزلوا مع هارون العجل لم يعبدوه، فقال لهم موسى: انطلقوا إلى (موعد (١٣) ربكم)؛ فقالوا: يا موسى! ما من توبة؟ قال: بلى؛ ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ … ﴾ الآية. فاخترطوا السيوف (والجِرزة) (١٤) والخناجر والسكاكين.

قال: وبعث عليهم ضبابةً. قال: فجعلوا يتلامسون بالأيدي، ويقتل بعضهم بعضًا.


(١) في (ن): "يلقوا".
(٢) أخرجه ابن جرير (٩٤١) وجوَّد المصنف سنده.
(٣) في (ن): "فتر".
(٤) في (ج) و (ع): "وبنى"! وهو تصحيف.
(٥) أخرجه ابن جرير (٩٤٤) بسند ضعيف جدًّا.
(٦) في (ج) و (ل): "ثم".
(٧) في (ن): "فهش".
(٨) كذا في (ج) و (ض) و (ع) و (ى) ومعناه: تهيأ للبكاء. وفي (ل): "أهش" وفي (هـ): "جهش".
(٩) ساقط من (هـ).
(١٠) من (ز) و (ن).
(١١) أخرجه ابن جرير (٩٤٥) بسند صحيح.
(١٢) كذا في (ج) و (ع) و (ك) و (ى) وهو الموافق لما في "تفسير الطبري" وتقديره: وكان القوم. ووقع في (ز) و (ض) و (ل) و (ن) و (هـ): "وكانوا".
(١٣) في (ج) و (ل): "موعدكم".
(١٤) الجرزة: في (ك): "الجرد"، ووقع في (هـ) بياض موضع هذه الكلمة. والجرزة: عمود من حديدٍ، جمع (جرز)، بضم الجيم.