للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الأعمش: عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعبًا وأنا حاضر عن ﴿سِجِّينٌ﴾ [المطففين: ٧] قال: هي الأرض السابعة وفيها أرواح الكفار، وسأله عن ﴿عِلِّيِّينَ﴾ فقال: هي السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين (١). وهكذا قال غير واحد: إنها السماء السابعة (٢).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨)﴾ يعني: الجنة (٣).

وفي رواية العوفي عنه: أعمالهم في السماء عند الله (٤). وكذا قال الضحاك:

وقال قتادة: عليون: ساق العرش اليمنى (٥).

وقال غيره: عليون: عند سدرة المنتهى (٦)، والظاهر: أن عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع، ولهذا قال تعالى معظمًا أمره ومفخمًا شأنه: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩)

ثم قال تعالى مؤكدًا لما كتب لهم: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١)﴾ وهم الملائكة. قاله قتادة (٧).

وقال العوفي، عن ابن عباس: يشهده من كل سماء مقربوها (٨).

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢)﴾ أي: يوم القيامة هم في نعيم مقيم وجنات فيها فضل عميم ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ وهي السرر تحت الحجال ينظرون قيل: معناه ينظرون في ملكهم وما أعطاهم الله من الخير والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد.

وقيل: معناه ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣)﴾ إلى الله ﷿، وهذا مقابل لما وصف به أولئك الفجار ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)﴾ فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله ﷿ وهم على سررهم وفرشهم، كما تقدم في حديث ابن عمر: "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أعلاهم لمن ينظر إلى الله في اليوم مرتين" (٩).

وقوله: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)﴾ أي: تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم؛ أي: صفة الترافة والحشمة والسرور والدعة والرياسة مما هم فيه من النعيم العظيم.

وقوله تعالى: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥)﴾ أي: يسقون من خمر من الجنة، والرحيق من أسماء الخمر، قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وابن زيد (١٠).


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بسابقه.
(٥) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق الأجلح عن الضحاك، وسبب ضعفه أنه معضل. ومثل هذا لا يؤخذ إلا عن الوحي.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به بلفظ: "كل أهل سماء".
(٩) تقدم تخريجه في تفسير سورة القيامة: آية ٢٢.
(١٠) أخرجه ابن أبي شيبة والطبري بسند صحيح من طريق مسروق عن ابن مسعود (المصنف ٨/ ٨٧)؛ وأخرجه =