للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس وابن إسحاق؛ وإن كان قد اختاره ابن جرير لظاهر السياق؛ فإنه ليس يلزم من سماع كلام الله (أن) (١) يكون منه كما سمعه الكليم موسى بن عمران ؛ وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] أي: مبلغًا إليه.

ولهذا قال قتادة (٢) في قوله: ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ قال: هم اليهود كانوا يسمعون كلام الله، ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه (ووعوه) (٣).

وقال مجاهد (٤): الذين يحرفونه والذين يكتمونه (هم) (٥) العلماء منهم.

وقال أبو العالية (٦): عمدوا إلى ما أنزل الله في (نص) (٧) كتابهم من نعت محمد فحرفوه عن مواضعه.

وقال السدي (٨): ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أي: أنهم أذنبوا.

وقال ابن وهب (٩): قال ابن زيد في قوله: ﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ﴾ قال: التوراة التي أنزلها الله عليهم يحرفونها؛ يجعلون الحلال فيها حرامًا، والحرامَ فيها حلالًا، والحق فيها باطلًا، والباطل فيها حقًّا، إذا جاءهم المحق برشوةٍ أخرجوا له كتاب الله، وإذا جاءهم المبطل برشوةٍ أخرجوا له ذلك الكتاب؛ فهو فيه محق. (وإن جاء) (١٠) أحد يسألهم (شيئًا) (١١) ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء أمروه بالحق؛ فقال الله لهم: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)[البقرة: ٤٤].

وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا [وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ] (١٢) … ﴾ الآية.

قال محمد بن (١٣) إسحاق: حدثنا محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾ أي: (بصاحبكم) (١٤) رسول الله ولكنه إليكم خاصةً؛ وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: لا تحدثوا العرب بهذا؛ فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم؛ فكان منهم؛ فأنزل الله: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ أي: تقرون بأنه نبي؛ وقد علمتم أنه قد


(١) في (ج) و (ل): "لمن".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٧٨١) وسنده جيد.
(٣) ساقط من (ج) و (ض) و (ل).
(٤) أخرجه ابن جرير (١٣٢٨، ١٣٢٩)؛ وابن أبي حاتم (٧٧٨) من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وسنده صحيح.
(٥) ساقط من (ج).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٧٨٠). [وسنده صحيح].
(٧) ساقط من (ز) و (ض) و (ك) و (ن) و (ى).
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٧٨٢). [وسنده حسن].
(٩) أخرجه ابن جرير (١٣٣١) وسنده صحيح.
(١٠) في (ز) و (ل): "وإن جاءهم"؛ وفي (ن): "وإذا جاءهم".
(١١) من (ز) و (ن) وهو الموافق لما في "تفسير الطبري".
(١٢) من (ن).
(١٣) أخرجه ابن جرير (١٣٣٧، ١٣٤٠). [وسنده حسن].
(١٤) في (ن): "إن صاحبكم".