للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذ له الميثاق عليكم باتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي الذي (كنا ننتظر) (١)، ونجد في كتابنا، اجحدوه ولا تقروا به؛ يقول الله تعالى: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٧)﴾.

وقال الضحاك (٢)، عن ابن عباس: يعني: المنافقين من اليهود؛ كانوا إذا لقوا أصحاب محمد قالوا: آمنا.

وقال السدي (٣): هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا؛ وكذا قال الربيع (٤) بن أنس، وقتادة (٥)، وغير واحد من السلف والخلف، حتى قال عبد الرحمن (٦) بن زيد بن أسلم فيما رواه ابن وهب عنه: كان رسول الله قد قال: "لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن "؛ فقال رؤساؤهم من أهل الكفر والنفاق: اذهبوا فقولوا: آمنا، واكفروا إذا رجعتم إلينا؛ فكانوا يأتون المدينة بالبُكر، ويرجعون إليهم بعد العصر. وقرأ قول الله تعالى: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢)[آل عمران: ٧٢] وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة: نحن مسلمون، ليعلموا خبر رسول الله وأمره؛ فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر؛ فلما أخبر الله نبيه قطع ذلك عنهم، فلم يكونوا يدخلون؛ وكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون، فيقولون: أليس قد قال الله لكم كذا وكذا؟ فيقولون: بلى؛ فإذا رجعوا إلى قومهم (يعني: الرؤساء) (٧)؛ فقالوا: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ … ﴾ الآية.

وقال أبو العالية (٨): ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ يعني: بما أنزل عليكم في كتابكم من نعت محمد .

وقال عبد الرزاق (٩)، عن معمر، عن قتادة: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ قال: كانوا يقولون: سيكون نبي. فخلا بعضهم ببعض، فقالوا: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾.

قول آخر في المراد بالفتح: قال ابن جريج (١٠): حدثني القاسم بن أبي (بزة) (١١)، عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ قال: قام النبي قريظة تحت حصونهم؛


(١) في (ج) و (ل): "كان ينتظر".
(٢) أخرجه ابن جرير (١٣٣٦) بسند ضعيف.
(٣) أخرجه ابن جرير (١٣٣٨)؛ وابن أبي حاتم (٧٨٤) بسند حسن.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٧٨٣). [وسنده جيد].
(٥) أخرجه عبد بن حميد، كما في "الدر المنثور" (١/ ٨١).
(٦) أخرجه ابن جرير (١٣٤٩) وسنده ضعيف جدًّا، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم تالف، ثم هو معضل.
(٧) ساقط من (ز) و (ض).
(٨) أخرجه ابن جرير (١٣٤١)؛ وابن أبي حاتم (٧٨٦). [وسنده جيد].
(٩) في "تفسيره" (١/ ٥٠) ومن طريقه ابن جرير (١٣٤٣) قال: أخبرنا معمر، عن قتادة؛ وأخرجه ابن جرير (١٣٤٢) من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. وكلاهما صحيح.
(١٠) أخرجه ابن جرير (١٣٤٧) وهو مرسل صحيح الإسناد.
وأخرجه مجاهد في "تفسيره" (ص ٢٠٧) ومن طريقه ابن جرير (١٣٤٥، ١٣٤٦)؛ وابن أبي حاتم (٧٨٧) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله.
(١١) في (ن): "برزة"! وهو خطأ.