للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(عبيد الله) (١) - يعني: ابن عمرو - عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو ويونس بن خباب، عن مجاهد؛ قال: كنت نازلًا على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة قال لغلامه: (انظر) (٢) (طلعت) (٣) الحمراء؟ لا مرحبًا بها ولا أهلًا، ولا حياها الله، هي صاحبة الملكين، قالت الملائكة: يا رب؛ كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك؛ ويفسدون في الأرض؟ قال: إني ابتليتهم؟ فلعل إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون. قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت؛ فقال لهما: إني مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما أن لا تشركا ولا تزنيا ولا تخونا. فأهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشبق، وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة - امرأة - فتعرضت لهما، فراوداها عن نفسها؛ فقالت: إني على دين لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله، قالا: وما دينك؟ قالت المجوسية. قالا: الشرك! هذا شيء لا نقربه، فمكثت عنهما ما شاء الله (تعالى) (٤) ثم تعرضت لهما (فأراداها) (٥) عن نفسها؛ فقالت: ما شئتما غير أن لي زوجًا، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء فعلت؛ فأقرا لها بدينها، وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا بها إلى السماء اختطفت منهما، وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان؛ وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين؛ فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا: لو أتينا فلانًا فسألناه فطلب لنا التوبة. فأتياه، فقال: (رحمكما) (٦) الله، كيف (يطلب) (٧) أهل الأرض لأهل السماء؟ قالا: إنا قد ابتلينا. قال: ائتياني يوم الجمعة، فأتياه، فقال: ما جبت فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية؛ فأتياه، فقال: اختارا، فقد خيرتما - إن (أحببتما) (٨): (معاناة) (٩) الدنيا، وعذاب الآخرة، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله.

فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل. وقال الآخر: ويحك! إني قد أطعتك في الأمر الأول، فأطعني الآن، إن عذابًا يفنى ليس كعذاب يبقى (وإننا) (١٠) يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا، قال: لا؛ إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة ألا يجمعهما علينا، قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجعلا في بكرات من حديث في قليب مملوءة من نار عاليهما سافلهما.

وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر - وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح، عن نافع، عنه - رفعه.


= عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار، وهي من الإسرائيليات التي تخالف القرآن والسنة في عصمة الملائكة].
(١) في (ن): "عبد الله" مكبرًا. وهو خطأ.
(٢) ساقط من (ض).
(٣) في (ن): "هل طلعت"!
(٤) من (ن).
(٥) في (ن): "فراوداها".
(٦) في (ل): "رحمكم".
(٧) في (ن): "يطلب التوبة".
(٨) في (ن): "اخترتما".
(٩) كذا في "الأصول"، وكتب ابن المحب ناسخ (ج) في الحاشية: "لعلها: معاناة" وهو الصواب كما يدل عليه السياق. ووقع في "تفسير ابن أبي حاتم": "معاقبة" والمعنى قريب.
(١٠) في حاشية (ن): "فقال: وإننا".