للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة بأرض بابل، كما تكره بديار ثمود الذي نهى (١) رسول الله عن الدخول إلى منازلهم إلا أن يكونوا باكين.

قال أصحاب الهيئة: وبُعد ما بين بابل وهي من إقليم العراق عن البحر المحيط الغربي، ويقال له أوقيانوس، سبعون درجةً، ويسمون هذا طولًا، وأما عرضها وهو بُعد ما بينهما وبين وسط الأرض من ناحية الجنوب، وهو المسامت لخط الاستواء، اثنتان وثلاثون درجة. والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ قال أبو جعفر (٢) الرازي، عن الربيع بن أنس، عن قيس بن عباد، عن ابن عباس؛ قال: فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي، وقالا له: إنما نحن فتنة فلا تكفر؛ وذلك أنهما علما الخير والشر، والكفر والإيمان؛ فعرفا أن السحر من الكفر؛ قال: فإذا أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا، فإذا أتاه عاين الشيطان فعلمه، فإذا تعلمه خرج منه النور، فنظر إليه ساطعًا في السماء؛ فيقول: يا حسرتاه! يا ويله! ماذا أصنع؟

وعن الحسن (٣) البصري أنه قال في تفسير هذه الآية: نعم، أنزل الملكان بالسحر، ليعلما الناس البلاء الذي أراد الله أن يبتلى به الناس؛ فأخذ عليهما الميثاق ألا يعلما أحدًا حتى يقولا: إنما نحن فتنة فلا تكفر. رواه ابن أبي حاتم.

وقال قتادة (٤): كان أخذ عليهما ألا يعلما أحدًا حتى يقولا إنما نحن فتنة؛ أي: بلاء ابتلينا به؛ فلا تكفر.

وقال السدي (٥): إذا أتاهما إنسان يريد السحر وعظاه، وقالا له: لا تكفر؛ إنما نحن فتنة؛ فإذا أبى قالا له: ائت هذا الرماد فبل عليه؛ فإذا بال عليه خرج منه نور فسطع حتى يدخل السماء؛ وذلك الإيمان، وأقبل شيء أسود كهيئة الدخان حتى يدخل في مسامعه وكل شيء؛ وذلك غضب الله؛ فإذا أخبرهما بذلك علماه السحر؛ فذلك قول الله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ … ﴾ الآية.

وقال سنيد (٦)، عن حجاج، عن ابن جريج - في هذه الآية -: لا يجترئ على السحر إلا كافر، وأما الفتنة فهي المحنة والاختبار؛ ومنه قول الشاعر:


= الضعف ولا جابر له، حكم بضعفه ولا يلتفت إلى سكوت أبي داود". انتهى، وهو تفصيل حسن وإن خالفه النووي في كتبه.
(١) فأخرج البخاري (١/ ٥٣٠؛ و ٨/ ١٢٥، ٣٨١).
وأخرجه مسلم (٢٩٨٠/ ٣٨).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠١٧، ١٠٢٨) وقد فرق ابن أبي حاتم هذا المتن في موضعين، وجمعه المصنف في موضع واحد. [وسنده جيد].
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠١٨) وسنده ضعيف.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (١/ ٥٣) ومن طريقه ابن جرير (١٦٩٨) قال: أخبرنا معمر قال: قال قتادة؛ وأخرجه ابن جرير (١٦٩٧) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة وكلاهما صحيح؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (١٠١٩) من طريق أبي جعفر الرازي، عن قتادة.
(٥) أخرجه ابن جرير (١٦٩٦). [وسنده حسن].
(٦) أخرجه ابن جرير (١٧٠١).