للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وعامتهم كانوا يعلمون المعجز، ويفرقون بينه وبين غيره، ولم يكونوا يعلمون السحر ولا تعلموه ولا علموه. والله أعلم.

ثم قد ذكر أبو عبد الله الرازي أن أنواع السحر ثمانية:

الأول: سحر الكلدانيين والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة، وهي السيارة؛ وكانوا يعتقدون أنها مدبرة العالم، وأنها تأتي بالخير والشر؛ وهم الذين بعث الله إليهم إبراهيم الخليل () (١) مبطلًا لمقالتهم ورادًا لمذهبهم؛ وقد استقصى في (كتاب السر المكتوم، في مخاطبة الشمس والنجوم) المسنوب إليه كما ذكره القاضي ابن خلكان وغيره. ويقال: إنه تاب منه، وقيل: (بل) (٢) صنفه على وجه إظهار الفضيلة، لا على سبيل الاعتقاد، وهذا هو المظنون به؛ إلا أنه ذكر فيه (طرائقهم) (٣) في مخاطبة كل من هذه الكواكب السبعة، وكيفية ما يفعلون، وما يلبسونه وما يتنسكون به.

قال: والنوع الثاني: سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية؛ ثم استدل على أن الوهم له تأثير بأن الإنسان يمكنه أن يمشي على الجسر الموضوع على وجه الأرض ولا يمكنه المشي عليه إذا كان ممدودًا على نهر أو نحوه.

قال: وكما أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر، والمصروع إلى الأشياء القوية اللمعان، أو الدوران؛ وما ذاك إلا لأن النفوس خلقت منطبعة للأوهام.

قال: وقد اتفق العقلاء على أن الإصابة بالعين حق (٤)(له) (٥) أن يستدل على ذلك] (٤) (٦) [بما ثبت في "الصحيح" (٧): أن رسول الله قال: "العين حق] (٦) ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين".

قال: فإذا عرفت هذا فنقول: النفس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قويةً جدًّا، فتستغني في هذه (الأفعال) (٨) عن الاستعانة (بالآلات) (٩) والأدوات، وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات.

وتحقيقه أن النفس إذا كانت (مشتغلةً عن) (١٠) البدن، شديدة الانجذاب إلى عالم السموات، صارت كأنها روح من الأرواح السماوية؛ فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم، وإذا كانت ضعيفةً شديدة التعلق بهذه الذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تأثير ألبتة إلا في هذا البدن.

ثم أرشد إلى مداواة هذا الداء بتقليل الغذاء، والانقطاع عن الناس (والرياضة) (١١).

قلت: وهذا الذي يشير إليه هو التصرف بالحال؛ وهو على قسمين: تارة تكون حالًا صحيحةً


(١) من (ز) و (ع) و (ن) و (ى)؛ وفي (ك): " ".
(٢) في (ز): "إنه".
(٣) في (ن): "طريقتهم".
(٤) ساقط من (ك).
(٥) من (ز) و (ض) و (ن) و (ى).
(٦) ساقط من (ك).
(٧) يعني: "صحيح مسلم" وقد أخرجه في "كتاب السلام" (٢١٨٨/ ٤٢) من طريق ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعًا. وعنده "سبقته" بدل "لسبقته" وفي آخره: "وإذا استغسلتم فاغسلوا".
(٨) في (ز) و (ض) و (ن): "الأفاعيل".
(٩) في (ك): "بالآيات".
(١٠) في "تفسير الرازي" (٢/ ٢٢٦): "مستعلية على".
(١١) في (ن): "الرياحينة"!!