للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والسُّنةُ -أيضًا- تنزلُ عليه بالوحي، كما ينزِلُ القرآنُ، إِلَّا أنَّها لا تُتْلى كما يُتْلَى القرآنُ (١/ ٢/ ٢). وقد استدلَّ الإمامُ الشافعيُّ وغيرُهُ من الأئمَّةِ على ذلكَ بأدلةٍ كثيرةٍ ليس هذا موضعَ (ذكرِ) (١) ذلك.

والغرضُ أنَّكَ تطلبُ تفسيرَ القرآنِ منه، فإنْ لم تجدْهُ فمن السُّنَّةِ كما قال رسولُ الله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "فَبِم تحكُمُ؟ " قال: بكتابِ اللهِ. قَالَ: "فإنْ لم تجِدْ؟ " قال: بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ، قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهدُ رَأْيي. قال: فَضَربَ رسولُ الله في صَدْرِهِ، وقال: "الحمدُ لله الَّذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ اللهِ" (٢).

وهذا الحديث في (المسانِدِ) (٣) و"السنن" بإسنادٍ جَيِّدٍ كما هُوَ مقَرَّرٌ في مَوْضِعِه.

وحينئذٍ: إذا لم نجد التفسيرَ في القرآن ولا في السنَّة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم أَدْرَى بذلك؛ لما شاهدوا من القرائنِ والأحوالِ التي اختصُّوا بها، ولما لهم من الفَهْم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم؛ كالأئمَّة الأربعةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ، والأئمةِ المَهْدِيِّين، وعبدِ الله بنِ مسعودٍ .

قال الإمامُ أبو جعفرٍ (محمَّدُ) (٤) بنُ جريرٍ الطبري: حدثنا أبو كُرَيب، ثَنَا جابرُ بنُ نوحٍ، ثَنَا الأعمشُ، عن أبي الضُّحى، عن مسروقٍ؛ قال: قال عبدُ الله -يعني ابنَ مسعودٍ-: والَّذي لا إلهَ غيرُهُ، ما (نزلت) (٥) آيةٌ من كتاب الله إلا وَأَنَا أعلمُ (فيمن) (٦) نَزَلتْ، (وأين نَزَلَت) (٧)، ولو أَعلمُ (مكان) (٨) أحدٍ أعلمَ بكتابِ الله منِّي تنالُهُ المطايا لَأَتيْتُهُ (٩).


= قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
وقال الحاكم: "إسناده صحيح". كذا! وفيه تسامح ذكرته في "الأصل".
وفي الباب عن جماعة من الصحابة ، منهم: أبو هريرة، وأبو رافع، وجابر، والعرباض بن سارية.
(١) من (ج) و (ل).
(٢) منكر.
أخرجه أبو داود (٣٥٩٢، ٣٥٩٣)؛ والترمذي (١٣٢٧)؛ وأحمد (٥/ ٢٣٠، ٢٤٢)؛ والدارمي (١/ ٥٥)؛ والطيالسي (٥٥٩)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ١٧٧)؛ وابن سعد في "الطبقات" (٢/ ٣٤٧، ٥٨٤)؛ والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ٢١٥)؛ وابن عبد البر في "الجامع" (٢/ ٥٥، ٥٦)؛ والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١٥٤، ١٥٥)؛ والبيهقي في "الكبرى" (١٠/ ١١٤)؛ والجوزقاني في "الأباطيل" (١٠١)؛ وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١٢٦٤) من طرق عن شعبة، عن أبي عون الثقفى، عن الحارث بن عمرو، عن ناس من أصحاب معاذ، عن معاذ .. فذكره.
وعزاه المصنف في "تفسير سورة الحجرات" لابن ماجه فوهم.
وهذا حديث منكر، ضعفه صيارفة هذا الفن: البخاري، والترمذي، والعقيلي، وابن عدي، والدارقطني في آخرين ذكرهم شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني في بحث ممتع له حول هذا الحديث في "الضعيفة" (٨٨١) فانظره لزامًا.
(٣) وقع في (ك) و (ل) و (ن): "المسانيد"، وأشار في هامش (ن) أن في بعض النسخ "المسند".
(٤) زيادة من (ز) و (ع) و (ك) و (ى).
(٥) في (ج): "نزل".
(٦) في (ك): "فيم".
(٧) ساقط من (ج).
(٨) ساقط من (ن).
(٩) أخرجه ابن جرير (٨٣). وأخرجه البخاري (٩/ ٤٧)؛ ومسلم (٢٤٦٣/ ١١٥)، من طريق الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق به.