للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذه الآية كقوله تعالى في سورة الحج: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)[الحج: ١٧] وكما قال تعالى: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦)[سبأ: ٢٦].

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)﴾.

اختلف المفسرون في المراد من الذين منعوا (﴿مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾) (١)، وسعوا في خرابها على قولين:

أحدهما: ما رواه العوفي في "تفسيره" (٢) عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ قال: هم النصارى.

وقال مجاهد (٣): هم النصارى، كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى، ويمنعون الناس أن يصلوا فيه.

وقال عبد الرزاق (٤): أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾ قال: هو بختنصر وأصحابه، خرب بيت المقدس، وأعانه على ذلك النصارى.

وقال سعيد (٥)، عن قتادة؛ قال: أولئك أعداء الله النصارى، حملهم بُغض اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس.

وقال السدي (٦): كانوا ظاهروا بختنصر على خراب بيت المقدس، حتى خربه، وأمر (به) (٧) أن تطرح فيه الجيف؛ وإنما أعانه الروم على خرابه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا.

وروى نحوه عن الحسن البصري (٨).

القول الثاني: ما رواه ابن جرير (٩): حدثني يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب؛ قال:


(١) في (ل) "مساجد الله أن يذكر فيها اسمه".
(٢) ومن طريقه ابن جرير (١٨٢٠)؛ وابن أبي حاتم (١١١٨) وسنده ضعيف.
أخرجه ابن جرير (١٨٢١) من طريق عيسى بن ميمون وأيضًا (١٨٢٢) من طريق شبل بن عباد؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (١١١٩) من طريق ورقاء بن عمر اليشكري ثلاثتهم عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد. وسنده صحيح.
(٣) أخرجه ابن جرير (١٨٢١، ١٨٢٢)؛ وابن أبي حاتم (١١١٢) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. [سنده صحيح]
(٤) في "تفسيره" (١/ ٥٦) ومن طريقه ابن جرير (١٨٢٤)؛ وابن أبي حاتم (١١٢٠). [وسنده صحيح]
(٥) أخرجه ابن جرير (١٨٢٣) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة.
(٦) أخرجه ابن جرير (١٨٢٥). [سنده حسن]
(٧) ساقط من (ن).
(٨) نبَّه عليه ابن أبي حاتم (١/ ٣٤٢).
(٩) في "تفسيره" (١٨٢٦) وسنده صحيح إلى ابن زيد، ولا يصح مرفوعًا من هذا الوجه.