للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المقدس (خربوه) (١)، فلما بعث الله محمدًا أنزل عليه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ … ﴾ الآية؛ فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس إلا خائفًا.

وقال السدي (٢): فليس في الأرض رومي يدخله اليوم إلا وهو خائف أن تضرب عنقه، أو قد أُخيف بأداء الجزية فهو يؤديها.

وقال قتادة (٣): لا يدخلون المساجد إلا مسارقةً.

قلت: وهذا لا ينفى أن يكون داخلًا في معنى عموم الآية؛ فإن النصارى لما ظلموا بيت المقدس بامتهان الصخرة التي كانت تصلي إليها اليهود عوقبوا شرعًا وقدرًا بالذلة فيه، إلا في أحيان من الدهر (امتحن) (٤) بهم بيت المقدس. وكذلك اليهود لما عصوا الله فيه أيضًا أعظم من عصيان النصارى كانت عقوبتهم أعظم. والله أعلم.

وفسر هؤلاء الخزي في الدنيا بخروج المهدي عند السدي (٥)، وعكرمة، ووائل بن داود.

وفسره قتادة بأداء الجزية عن يد وهم صاغرون.

والصحيح أن الخزي في الدنيا أعم من ذلك كله.

وقد ورد الحديث بالاستعاذة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة؛ كما قال الإمام أحمد (٦): حدثنا


= الجذامي، حدثني خازن بيت المقدس، عن ذي الكلاع، عن كعب الأحبار فذكره. وسنده ضعيف. وخازن بيت المقدس مجهول.
(١) في (ك): "حرقوه".
(٢) أخرجه ابن جرير (١٨٢٩) قال: حدثنا موسى، وابن أبي حاتم (١١٢٣) قال: حدثنا أبو زرعة قالا: ثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط، عن السدي فذكره وعند ابن أبي حاتم: فإن الروم ظاهروا "بختنصر" على خراب بيت المقدس، فليس في الأرض رومي … إلخ وسنده حسن.
(٣) أخرجه ابن جرير (١٨٢٨) قال: حدثنا الحسن بن يحيى؛ وابن أبي حاتم (١١٢٤) قال حدثنا الحسن بن أبي الربيع قالا: ثنا عبد الرزاق وهذا في "تفسيره" (١/ ٥٦) قال: أخبرنا معمر، عن قتادة. [وسنده صحيح].
(٤) كذا في (ج) و (ع) و (ل) و (ن) و (ي)؛ وفى (ز) و (ض): "أسخن"؛ وفى (ك): "سخر"!!
(٥) أخرجه ابن جرير (١٨٣٢)؛ وابن أبي حاتم (١١٢٥). [وسنده حسن]
(٦) في "سنده" (٤/ ١٨١).
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (٤/ ١٨١) وعنه الطبراني في "الدعاء" (١٤٣٦) قال: حدثني الهيثم بن خارجة بسنده سواء؛ وأخرجه ابن حبان (٩٤٩)؛ وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٤٣٨) قالا: حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي؛ والطبراني في "الكبير" (ج ٢/ رقم ١١٩٦) قال: حدثنا موسى بن هارون؛ وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (١/ ٤١٤) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٣/ ٣٤٥) من طريق أحمد بن يحيى الحلواني؛ والخطيب في "تاريخه" (١٤/ ٢٣٧) من طريق أحمد بن الحسن بن عبد الجبار - هو الصوفي - قالوا جميعًا: ثنا الهيثم بن خارجة بسنده سواء. وتوبع الهيثم. تابعه عبد الأعلى بن مسهر، ثنا محمد بن أيوب بسنده سواء.
أخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" (١/ ٣٧٥، ٣٧٦)؛ وابن عدي (٢/ ٤٣٨)؛ وأبو نعيم في "المعرفة" (١/ ٤١٤)؛ وابن عساكر (١٠/ ١٣٣؛ و ١٣/ ٣٤٥).
وتابعه أيضًا هشام بن عمار، ثنا محمد بن أيوب بن ميسرة بهذا الإسناد.=