للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنا فيه (١) نظر، لاحتمال أن هذا كان [في حال استغفاره لأبويه] (٢) قبل أن يعلم أمرهما؛ فلما علم ذلك تبرأ منهما، وأخبر عنهما أنهما من أهل النار، كما ثبت هذا في "الصحيح" (٣)، ولهذا أشباه كثيرة ونظائر، ولا يلزم ما (ذكره) (٤) ابن جرير. والله أعلم.

وقال الإمام أحمد (٥): أخبرنا موسى بن داود، حدثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار؛ قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة: فقال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزًا للأميين، وأنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع (السيئة بالسيئة)، ولكن يعفو ويغفر، (ولن يقبضه حتى يقيم به) الملة العوجاء؛ بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا.

انفرد بإخراجه البخاري؛ فرواه في "البيوع" عن محمد بن سنان، عن فليح، به. وقال: تابعه عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال. وقال سعيد، عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن سلام. ورواه في "التفسير" (٦) عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به. فذكر نحوه؛ فعبد الله هذا هو ابن صالح، كما صرح به في "كتاب الأدب" (٧)


(١) نظر في هذا النظر الشيخ محمود شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" (٢/ ٥٦١) وقال:
"ينسى ابن كثير غفر الله له، ما أعاد الطبري وأبدًا من ذكر سياق الآيات المتتابعة، والسياق كما قال هو في ذكر اليهود والنصارى وقصصهم، وتشابه قلوبهم في الكفر بالله، وقلة معرفتهم بعظمة ربهم، وجرأتهم على رسل الله وأنبيائه، وكل ذلك موجب عذاب الجحيم، فما الذي أدخل كفار العرب في هذا السياق؟ نعم إنهم يدخلون في معنى أنهم من أصحاب الجحيم، كما يدخل فيه كل مشرك من العرب وغيرهم. وقد بينا أن هذه الآيات السالفة والتي تليها، دالة أوضح الدلالة على أن قصتها كلها في اليهود والنصارى، ولا شأن لمشركي العرب بها. وإن دخل هؤلاء المشركون في معنى أنهم من أصحاب الجحيم، وإذن فسياق الآيات يوجب أن تكون في اليهود والنصارى، فتخصيص شطر من آية بأنه نزل في أمر بعض مشركي الجاهلية. تحكم بلا خبر ولا بينة".
(٢) ساقط من (ج) و (ل).
(٣) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٣/ ٢٢٢؛ و ٧/ ١٩٣؛ و ٨/ ٣٤١، ٥٠٦؛ و ١١/ ٥٦٦)؛ ومسلم (٢٤/ ٣٩، ٤٠) وغيرهما من طرق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه المسيب بن حزن.
(٤) في (ز) و (ض) و (ن): "ذكر".
(٥) في "مسنده" (٢/ ١٧٤)؛ وأخرجه البخاري في "البيوع" (٤/ ٣٤٢، ٣٤٣).
(٦) في "تفسير سورة الفتح" (٨/ ٥٨٥).
(٧) وسبق المصنف إلى ذلك الترجيح شيخه: أبو الحجاج المزي في "تحفة الأشراف" (٦/ ٣٦٤) فتعقبه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (٦/ ٣٦٣، ٣٦٤) قال: "وأما قول المزي: إن البخاري أخرجه في "الأدب المفرد" عن عبد الله بن صالح، فقد تلقفه عنه الذهبي وجزم بأنه المراد في "الصحيح". قلت: وهو محتمل لكن مع ذلك لا يحسن الجزم به لما وقع من رواية أبي ذر، بل نقلها أولى أن يعتمد، فلا مانع أن يكون للبخاري شيخان كل منهما يسمى: عبد الله،. انتهى وسبق المزي إلى هذا الترجيح أبو علي الجياني.
أودعه في "صحيحه". والله أعلم.