للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب "تأويل مشكل القرآن". وقد صنف أيضًا كتاب "تفسير غريب القرآن" (١) ونقد فيه بعض التفاسير ومنها معاني القرآن للفراء والأخفش، ومجاز القرن لمعمر بن المثنى (٢).

وبهذا نستنتج أن ظاهرة النقد للتفاسير برزت جلية في القرن الثالث الهجري.

لقد بلغ تطور التفسير في القرآن الثالث مرحلة راقية من الشمول والجمع بين مدرستي الأثر والرأي، وأرى أن كتب المحدثين من الصحاح والجوامع التي جمعت حديث النبي وأقوال الصحابة ، ساعدت على إثراء التفسير بروايات غزيرة دونت في كتب "التفسير"، ونقلت التفسير المأثور إلى طور الشمول والكمال؛ لأن في هذا القرن تضمنت كتب "التفسير: الأحاديث النبوية المفسرة وأقوال الصحابة التفسيرية" وكذا أقوال التابعين.

والعجيب أن بعض مؤلفات القرن الثالث في التفسير لم نجد لها نسخة بل لم نجد نقلًا أو اقتباسًا عنها! فهل هذه الكتب منسوبة؟ أم هي مندثرة؟ ولا شك أن البحث العلمي هو الذي يأتي بالجواب، فقد عثرنا على بعض النقولات من تفسير ابن ماجه، ومن تفسير الإمام أحمد بن حنبل، والتفسير الكبير للطبراني وتفسير الفريابي، وتفسير عبد بن حميد وغيرها من التفاسير التي ذكرتها وبينت طرق جمع نصوصها في كتابي الموسوم "القواعد المنهجية في التنقيب عن المفقود من الأجزاء والكتب التراثية".

وفي القرن الرابع تطور التصنيف في التفسير فظهرت بعض التفاسير الفقهية مثل: كتب "أحكام القرآن" التي تتسم بالميل للمذهب الفقهي كالإمام الجصاص في كتابه "أحكام القرآن" (٣)، فقد مال للمذهب الحنفي بل نال من الإمام الشافعي، بينما نجد الإمام الطحاوي الحنفي صنف في "أحكام القرآن" (٤) على طريقة المحدثين يرويه بأسانيده إلى الصحابة والتابعين دون النيل من أي أحد من العلماء.

وفي القرن نفسه ظهرت بعض التفاسير اتسمت بتحري الحق وعدم التأثر بأحد المذاهب الفقهية، بل سلكت مسلكًا صحيحًا في تتبع الدليل والراوية الصحيحة كتفسير ابن أبي حاتم الرازي (٥). واعتمد في تفسيره على الرواية فقط، وكذا تفسير ابن المنذر (٦) وتفسير القاضي البستي (ت ٣٠٧ هـ) (٧).

وقد تضخمت كتب "الناسخ والمنسوخ" المروية بالإسناد مما أثرت علم التفسير مثل كتاب "الناسخ والمنسوخ" للنحاس فإنه أضعاف كتاب أبي عبيد (٨).


(١) كلاهما مطبوع.
(٢) وللمزيد ينظر مقدمة: "تفسير غريب القرآن" (ص ٤ - ٥)، و"تأويل مختلف الحديث" (٢٣٠، ٢٣٦، ٢٤٥، ٤٣٩، ٤٤٠، ٤٤١).
(٣) مطبوع.
(٤) مطبوع.
(٥) يوجد نصفه مخطوطًا وقد حقق وتقوم بنشره دار ابن الجوزي.
(٦) توجد قطعة منه وقد قام بتحقيقها فضيلة د. سعد السعد.
(٧) يوجد نصفه وقد حققه فضيلة د. عوض العمري وفضيلة د. عثمان وقد نالا درجة الدكتوراه من كلية القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
(٨) كلاهما مطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>