للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ (١) [البقرة: ١٤٣].

وروى ابن مردويه من حديث القاسم العمري، عن عمه عبيد الله بن عمر، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان النبي إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ إلى الكعبة إلى الميزاب يؤم به جبرائيل (٢).

وروى الحاكم في مستدركه من حديث شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن (٣) يحيى بن قمطة قال: رأيت عبد الله بن عمرو جالسًا في المسجد الحرام بإزاء الميزاب، فتلا هذه الآية: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ قال: نحو ميزاب الكعبة.

ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن عرفة، عن هشيم، عن يعلى بن عطاء به (٤).

وهكذا قال غيره. وهو أحد قولي الشافعي : أن الغرض إصابة عين الكعبة.

والقول الآخر: وعليه الأكثرون أن المراد المواجهة (٥) كما رواه الحاكم من حديث أبي إسحاق، عن عمير بن زياد الكندي، عن علي بن أبي طالب (٦): ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ قال: شطره: قِبَله.

ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٧).

وهذا قول أبي العالية (٨) ومجاهد (٩) وعكرمة (١٠) وسعيد بن جبير (١١) وقتادة (١٢) والربيع بن أنس (١٣) وغيرهم، وكما تقدم في الحديث الآخر: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" (١٤).


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما والنحاس (الناسخ والمنسوخ ١/ ٥٨ - ٥٩)، والبيهقي (السنن الكبرى ٢/ ١٢ - ١٣) وسنده ثابت.
(٢) في سنده داود بن الحصين ثقة، لكن روايته عن عكرمة فيها مقال (انظر: التقريب ص ١٩٨) وله شواهد إلا قوله: يؤم به جبرائيل .
(٣) في الأصل: "عطاء بن يحيى بن قطمة" وهو تصحيف والتصويب من (عش) و (ح) ورواية الحاكم. المستدرك وصححه ووافقه الذهبي ٢/ ٢٦٩ وفي سنده يحيى بن قمطة، وسكت عنه البخاري (التاريخ الكبير ٨/ ٢٩٩، وابن أبي حاتم (الجرح ٨/ ١٨١)، وذكره ابن حبان في الثقات ٥/ ٥٢٩).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره برقم (٥٦).
(٥) في (عش): "الوجهة".
(٦) كذا في (ح) وفي الأصل و (عش) عن علي .
(٧) المستدرك وصححه ووافقه الذهبي ٢/ ٢٦٩.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره برقم (٦٠) من طريق داود بن أبي هند عنه.
(٩) أخرجه الطبري في تفسيره بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(١٠) و (١١) ذكرهما ابن أبي حاتم في تفسيره برقم (٦٤، ٦٥).
(١٢) أخرجه الطبري بسند حسن في تفسيره من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(١٣) أخرجه الطبري بسند حسن في تفسيره من طريق أبي جعفر الرازي عنه.
(١٤) أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه (السنن، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة ح ٣٤٣، ٣٤٤) وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للسنن، والألباني في صحيح السنن (ح ٢٨٣)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٢٠٥).