للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال القرطبي (١): روى ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس أن رسول الله قال: "البيت قِبلة لأهل المسجد، والمسجد قِبلة لأهل الحرم، والحرم قِبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أُمتي"] (٢).

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن البراء أن النبي صلّى قِبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه قبلته قِبل البيت، وأنه صلّى صلاة العصر وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن كان يصلّي معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله قِبل مكة. فداروا كما هم قِبل البيت (٣).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: لما قدم رسول الله المدينة صلّى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله يحب أن يُحوَّل نحو الكعبة، فنزلت: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ فصرف إلى الكعبة (٤).

وروى النسائي عن أبي سعيد بن المعلى قال: كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله فنصلي فيه، فمررنا يومًا ورسول الله قاعد على المنبر، فقلت: لقد حدث أمر، فجلست. فقرأ رسول الله هذه الآية ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ حتى فرغ من الآية، فقلت لصاحبي: تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله فنكون أول من صلّى، فتوارينا فصليناهما، ثم نزل النبي وصلّى للناس الظهر يومئذ (٥).

وكذا روى ابن مردويه عن ابن عمر: أن أول (٦) صلاة صلّاها رسول الله إلى الكعبة صلاة الظهر، وأنها الصلاة الوسطى (٧).

والمشهور أن أول صلاة صلّاها إلى الكعبة صلاة العصر، ولهذا تأخر الخبر عن أهل قباء إلى صلاة الفجر.

وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا الحسين بن إسحاق التُستَري، حدثنا رجاء بن محمد السقطي، حدثنا إسحاق بن إدريس، حدثنا إبراهيم بن جعفر،


(١) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٥٩.
(٢) ما بين معقوفين زيادة من (عش). وهذا الحديث أخرجه القاسم بن سلام (الناسخ والمنسوخ ح ٢١ ص ١٤٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره، والحاكم (المستدرك ٢/ ٢٦٧) كلهم من طريق ابن جريج به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٣) أخرجه البخاري عن أبي نعيم به (الصحيح، التفسير، باب ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة: ١٤٢] ح ٤٤٨٦).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق الحسن بن عطية عن إسرائيل به.
(٥) أخرجه النسائي من طريق مروان بن عثمان أن عبيد بن حنين أخبره عن أبي سعيد المعلى (السنن الكبرى ح ١٠٩٣٧) وفي سنده مروان ضعيف (التقريب ص ٥٢٦).
(٦) في (عش): "أول" وهو تصحيف.
(٧) هذه الرواية مخالفة لما في الصحيح: إن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر كما سيأتي عند قوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى … ﴾ [البقرة: ٢٣٨].