للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف أشكرك؟ قال له ربه: تذكرني ولا تنساني، فإذا ذكرتني فقد شكرتني، وإذا نسيتني فقد كفرتني" (١).

قال الحسن البصري (٢) وأبو العالية (٣) والسدي (٤) والربيع بن أنس (٥): إن الله يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذّب من كفره (٦).

وقال بعض السلف في قوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، قال: هو أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا عمارة الصيدلاني، أخبرنا مكحول الأزدي، قال: قلت لابن عمر: أرأيت قاتل النفس وشارب الخمر والسارق والزاني يذكر الله وقد قال الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾؟ قال: إذا ذكر الله هذا ذكره الله بلعنته حتى يسكت (٧).

وقال الحسن البصري في قوله: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ قال: اذكروني فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي (٨).

وعن سعيد بن جبير: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي، وفي رواية: برحمتي (٩).

وعن ابن عباس في قوله: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه (١٠).

وفي الحديث الصحيح: يقول الله تعالى: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه" (١١).

قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس قال رسول الله : "قال الله ﷿: يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة - أو قال: في ملأ خير منهم -، وإن دنوتَ مني شبرًا دنوتُ منك ذراعًا، وإن دنوتَ مني ذراعًا دنوتُ منك باعًا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول" (١٢).

صحيح الإسناد أخرجه البخاري من حديث قتادة، وعنده قال قتادة: الله أقرب


(١) سنده حسن، وهو من أخبار بني إسرائيل.
(٢) ذكره ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده الجيد من طريق الربيع بن أنس عنه.
(٤) و (٥) ذكرهما ابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، وسنده حسن.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق جسر اليمامي عن الحسن.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عنه باللفظين.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس.
(١١) متفق عليه. أخرجه البخاري، الصحيح، التوحيد، باب قوله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨] (ح ٧٤٠٥)، وصحيح مسلم، الذكر، باب الحث على ذكر الله تعالى (ح ٢٦٧٥).
(١٢) المسند ٣/ ١٣٨، وأخرجه البخاري من طريق قتادة به (الصحيح، التوحيد، باب ذكر النبي وروايته عن ربه ح ٧٥٣٦).