للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى كَثُر الإسلام فلم تكن فتنة. قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال: أما عثمان فكان الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن يعفو عنه، وأما علي فابن عمّ رسول الله وختنه، فأشار بيده، فقال: هذا بيته [حيث] (١) ترون (٢).

﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤)﴾.

قال عكرمة: عن ابن عباس (٣)، والضحاك والسدي وقتادة ومقسم والربيع بن أنس وعطاء وغيرهم (٤)، لما سار رسول الله ، معتمرًا في سنة ست من الهجرة وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت وصدوه بمن معه من المسلمين، في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين، وأقصه الله منهم، فنزلت في ذلك هذه الآية: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾. وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا ليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: لم يكن رسول الله يغزو في الشهر الحرام، إلا أن يغزى وتغزوا، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ (٥). هذا إسناد صحيح.

ولهذا لما بلغ النبي ، وهو مُخيم بالحديبية أن عثمان قتل (٦)، وكان قد بعثه في رسالة إلى المشركين، بايع أصحابه وكانوا ألفًا وأربعمائة تحت الشجرة، على قتال المشركين، فلما بلغه أن عثمان لم يقتل، كف عن ذلك وجنح إلى المسالمة والمصالحة، فكان ما كان. وكذلك لما فرغ من قتال هوازن يوم حُنين، وتحصن فلّهمُ بالطائف، عدل إليها فحاصرها، ودخل ذو القعدة وهو محاصرها (٧) بالمنجنيق، واستمر عليه إلى كمال أربعين يومًا كما ثبت في الصحيحين عن أنس، فلما كَثُرَ القتل في أصحابه انصرف عنها ولم تفتح، ثم [كر] (٨) راجعًا إلى مكة واعتمر من الجعرانة حيث قسم غنائم حُنين، وكانت عمرته هذه في ذي القعدة أيضًا، عام ثمان صلوات الله


(١) في الأصل: "حين" والتصويب من التخريج و (عف) و (عش) و (ح).
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه وطوله في صحيحه، تفسير سورة البقرة، باب ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣] (ح ٤٥١٣ - ٤٥١٥).
(٣) أخرجه الطبري من طريق يوسف بن خالد السمتي عن نافع بن مالك عن عكرمة به مختصرًا، وفي سنده يوسف السمتي تركوه كما في التقريب وما يليه من مراسيل تقويه وأخرجه الطبري بسند صحيح عن مجاهد لكنه مرسل.
(٤) قول السدي وقتادة ومقسم والربيع أخرجه الطبري بأسانيد ثابتة وقول الضحاك وعطاء بأسانيد ضعيفة تتقوى بما سبق.
(٥) في الأصل: "انسلخ" والتصويب من (عش) و (عف) والرواية في المسند إذ أخرجه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٣٤٥ بسنده ومتنه.
(٦) هكذا في (عش)، وفي الأصل: "قد قتل".
(٧) كذا في الأصل وفي (عش) يحاصرها، وفي (عف): "فحاصرح".
(٨) في الأصل: "كبر" والتصويب من (عش) و (عف).