للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلامه عليه (١).

وقوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ أمر بالعدل حتى في المشركين، كما قال: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل: ١٢٦]، وقال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]. وروى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أن قوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾، نزلت بمكة حيث لا شوكة ولا جهاد، ثم نسخ بآية القتال (٢) بالمدينة (٣).

وقد ردَّ هذا القول ابن جرير. وقال: بل هذه الآية مدنية بعد عمرة القضية وعزا ذلك إلى مجاهد (٤). [وقد أطلق ههنا الاعتداء على الاقتصاص من باب المقابلة كما قال عمرو بن أم كلثوم:

ألا لا يجهلن أحدٌ علينا … فنجهل فوق جهل الجاهلينا

وقال ابن دُريد:

لي استواءٌ إن مولّى استوا … لي التواءٌ إن معادي التوا

وقال غيره:

ولي فرس للحلم بالحلم مُلجمٌ … ولي فرس للجهل بالجهل مسرج

ومن رام تقويمي فإنه مقوم … ومن رام تعويجي فإني معوج] (٥)

وقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ أمر لهم بطاعة الله وتقواه، وإخباره بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة.

﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)﴾.

قال البخاري: حدثنا إسحاق، أخبرنا النضر، أخبرنا شعبة عن سليمان، سمعت أبا وائل، عن حذيفة ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ قال: نزلت في النفقة (٦).

ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح، عن أبي معاوية، عن الأعمش به، مثله قال: وروي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان نحو ذلك (٧)، وقال الليث بن سعد: عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم


(١) ينظر: صحيح البخاري، المغازي، باب غزوة الطائف (ح ٤٣٢٤) فيه ذكر حصار الطائف و (ح ٤٣٣٧) وفيه ذكر قتال هوازن يوم حنين، وصحيح مسلم، الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم (ح ١٠٥٩) وما بعده.
(٢) كذا في (عش) وفي الأصل: "بآية الجهاد".
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة به بنحوه.
(٤) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين وهو سنيد: فيه مقال.
(٥) ما بين معقوفين زيادة من (عش) و (ح).
(٦) صحيح البخاري، تفسير سورة البقرة، باب ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ … ﴾ (ح ٤٥١٦).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم من الطريق نفسه ثم ذكر ابن عباس ومن بعده من التابعين من غير سند، وأقوال مجاهد وقتادة والسدي والحسن أخرجها الطبري بأسانيد ثابتة، وأما قول الضحاك وعكرمة فأخرجه الطبري بأسانيد ضعيفة تتقوى بما سبق.