للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، [حدثني الليث] (١)، حدثنا عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، أخبره أنهم حاصروا دمشق فانطلق رجل من أزدشنوءة، فأسرع إلى العدو وحده ليستقبل، فعاب ذلك عليه المسلمون، ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص، فأرسل إليه عمرو فردَّه، وقال عمرو: قال الله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (٢).

وقال عطاء بن السائب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ ليس ذلك في القتال، إنما هو في النفقة أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله ولا تلق بيدك إلى التهلكة (٣).

قال حماد بن سلمة، عن داود، عن الشعبي، عن الضحاك، عن أبي جُبير، قال: كانت الأنصار يتصدقون وينفقون من أموالهم، فأصابتهم سنة فأمسكوا عن النفقة في سبيل الله، فنزلت ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (٤).

وقال الحسن البصري: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ قال: هو البخل (٥).

وقال سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير، في قوله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾: أن يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله: ﴿اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٦) رواه ابن مردوية.

وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عَبيدة السلماني والحسن وابن سيرين وأبي قلابة نحو ذلك، يعني: نحو قول النعمان بن بشير، أنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له، فيلقي بيده إلى التهلكة، أي: يستكثر من الذنوب فيهلك (٧). ولهذا (٨) روى علي بن أبي طلحة (٩)، عن ابن عباس: التهلكة عذاب الله (١٠).

وقال ابن أبي حاتم وابن جرير، جميعًا: حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن القرظي محمد بن كعب، أنه كان يقول في هذه الآية: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ قال: كان


(١) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عش) و (ح) و (عف) ورواية ابن أبي حاتم الآتية.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٣) أخرجه الطبري وفي سنده ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي: ضعيف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق هدبة عن حماد به، ورجاله ثقات، وسنده صحيح.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عوف الأعرابي عن الحسن وسنده صحيح.
(٦) أخرجه الواحدي من طريق حماد بن سلمة عن سماك به (أسباب النزول ص ٤٧)، وذكره الهيثمي وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٦/ ٣٢٠).
(٧) ذكرهم ابن أبي حاتم من غير إسناد، وأقوال عَبيدة السلماني وابن سيرين والحسن أخرجها الطبري بأسانيد صحيحة.
(٨) كذا في (عش)، وفي الأصل: "ولذا".
(٩) في الأصل: "عن أبي طلحة" والتصويب من (عش) والتخريج.
(١٠) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عنه.