للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو جعفر الرازي (١)، عن الربيع، عن أبي العالية أن أُبي بن كعب أملاها عليهم مع خزيمة بن ثابت.

وقد روى ابن وهب عن عمرو بن طلحة الليثي، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن عثمان شهد بذلك أيضًا.

وأما قول زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال. وفي رواية: من العُسب والرقاع والأضلاع. وفي رواية: من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال.

أما العسب فجمع "عسيب"، قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: وهو من السعف فويق الكرب، لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعف. واللِّخاف: جمع لخفة، وهي: القطعة من الحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله .

ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه، فتلقاه زيد هذا من عسبه، وهذا من لخافه، ومن صدر هذا؛ أي: من حفظه وكانوا أحرص شيء على أداء الأمانات. وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن الرسول أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده، كما قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] ففعل صلوات الله وسلامه عليه.

ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: "إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت. فجعل يشير بإصبعه إلى السماء وينكتها عليهم ويقول: "اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد".

رواه مسلم (٢)، عن جابر.

وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: "بلغوا عني ولو آية" (٣)؛ يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة، فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به. فأدوا القرآن قرآنًا، والسنة سنةً، لم يلبسوا هذا بهذا.


=والخطيب في "المبهمات" (ص ١٢٠)؛ وابن بشكوال في "الغوامض" رقم (١٠٩)؛ وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ج ٥/ ق ٦١٢).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ورجاله باتفاق الشيخين ثقات، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي، وهو كما قالا: وله طرق أخرى وشواهد. ذكرتها في "التسلية".
(١) أخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (٢٧)؛ وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (٥/ ١٣٤)؛ وابن أبي داود في "المصاحف" (ص ٩)؛ والبيهقي في "الدلائل" (٧/ ١٣٨، ١٣٩)؛ والخطيب في "التلخيص" (١/ ٤٠٣)؛ والضياء في "المختارة" (ج ٢/ رقم ١١٥٥)، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (٤/ ٣٣١)؛ وعنه الضياء في "المختارة" (١١٥٦) من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب. ويأتي سياقه في آخر سورة التوبة إن شاء الله.
وقال المصنف في "سورة التوبة" (٤/ ١٨٠): "غريب". اهـ. ويشير بذلك إلى ضعف سنده وأبو جعفر الرازي سيئ الحفظ.
(٢) في "صحيحه (١٢١٨/ ١٤٧) ". وهو جزء من حديث جابر بن عبد الله الطويل في حجة الوداع.
(٣) أخرجه البخاري (٦/ ٤٩٦ - فتح). قد مر تخريجه.