للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهم عدد كثير ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ أي: أنزل علينا صبرًا من عندك ﴿وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ أي: في لقاء الأعداء، وجنبنا الفرار والعجز ﴿وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.

قال الله تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ أي: غلبوهم وقهروهم بنصر الله لهم ﴿وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ﴾ ذكروا في الإسرائيليات (١) أنه قتله بمقلاع كان في يده، رماه به فأصابه فقتله، وكان طالوت قد وعده إن قتل جالوت أن يزوِّجه ابنته، ويشاطره نعمته، ويشركه في أمره، فوفى له ثم آل الملك إلى داود مع ما منحه الله به من النبوة العظيمة، ولهذا قال تعالى: ﴿وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ﴾ الذي كان بيد طالوت ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ أي: النبوة بعد شمويل ﴿وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ أي: مما يشاء الله من العلم الذي اختصّ به ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ أي: لولاه يدفع عن قوم بآخرين كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا كما قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ الآية [الحج: ٤٠].

وقال ابن جرير: حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا حفص بن سليمان، عن محمد بن سوقة، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : "إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء" ثم قرأ ابن عمر: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ (٢) وهذا إسناد ضعيف فإن يحيى بن سعيد هذا، هو ابن العطار الحمصي، وهو ضعيف جدًّا.

ثم قال ابن جرير: حدثنا أبو حميد الحمصي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله : "إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده، وولد ولده، وأهل دويرته، ودويرات حوله، ولا يزالون في حفظ الله ﷿، ما دام فيهم" (٣)، وهذا أيضًا غريب ضعيف لما تقدم أيضًا.

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا علي بن إسماعيل بن حماد، أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد، أخبرنا زيد بن الحباب، حدثني حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان رفع الحديث، قال: "لا يزال فيكم سبعة بهم تُنصرون، وبهم تُمطرون، وبهم تُرزقون، حتى يأتي أمر الله" (٤).

وقال ابن مردويه أيضًا (٥): وحدثنا محمد بن أحمد، حدثنا محمد بن جرير بن يزيد، حدثنا أبو معاذ نهار بن معاذ بن عثمان الليثي، أخبرنا زيد بن الحباب، أخبرني عمر البزار عن عنبسة الخواص، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، قال


(١) ورد هذا الخبر في تفسير عبد الرزاق والطبري من طريق بكار بن عبد الله عن وهب بن منبه. وبكار قال ابن أبي حاتم فيه: ليس بالقوي (ينظر: لسان الميزان ٢/ ٤٣).
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وحكم عليه الحافظ ابن كثير بضعف الإسناد.
(٣) كسابقه.
(٤) في سنده زيد بن الحباب: وهو كثير الخطأ (ينظر: تهذيب التهذيب ٣/ ٤٠٤).
(٥) قوله: "وقال ابن مردويه أيضًا"، زيادة من (عف).