للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخر، عن محمد بن سيرين به (١).

(طريق أخرى وسياق آخر) قال الإمام أحمد: أنبأنا حسن بن موسى وعثمان، قالا: أنبأنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن المسيب بن رافع، عن خرشة بن الحرّ، قال: قدمت المدينة فجلست إلى أشيخةٍ في مسجد النبي ، فجاء شيخ يتوكأ على عصًا له، فقال القوم: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا. فقام خلف سارية فصلى ركعتين فقمت إليه فقلت له (٢): قال بعض القوم: كذا وكذا، فقال: الجنة لله، يدخلها من يشاء، وإني رأيت على عهد رسول الله رؤيا: كأن رجلًا أتاني فقال: انطلق، فذهبت معه فسلك بي منهجًا عظيمًا، فعرضت لي طريق عن يساري، فأردت أن أسلكها، فقال: إنك لست من أهلها، ثم عرضت لي طريق عن يميني، فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل زلق، فأخذ بيدي فزجل بي (٣) فإذا أنا على ذروته فلم أتقارَّ (٤) ولم أتماسك فإذا عمود حديد في ذروته حلقة من ذهب فأخذ بيدي فزجل بي حتى أخذت بالعروة فقال: استمسك فقلت: نعم، فضرب العمود برجله، فاستمسكت بالعروة، فقصصتها على رسول الله فقال: "رأيت خيرًا، أما المنهج العظيم فالمحشر، وأما الطريق التي عرضت عن يسارك فطريق أهل النار، ولست من أهلها، وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة، وأما الجبل الزلق فمنزل الشهداء، وأما العروة التي استمسكت بها فعروة الإسلام، فاستمسك بها حتى تموت" قال: فإنما أرجو أن أكون من أهل الجنة، قال: وإذا هو عبد الله بن سلام (٥)، وهكذا رواه النسائي عن أحمد بن سليمان عن عفان، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن الحسن بن موسى الأشيب، كلاهما عن حماد بن سلمة به نحوه، وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الأعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر الفزاري به (٦).

﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥٧)﴾.

يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام، فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير، وأن الكافرين إنما وليهم الشيطان، يزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات، ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ ولهذا وحد تعالى لفظ النور، وجمع الظلمات لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة، [كما] (٧) قال: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)[الأنعام] وقال تعالى:


(١) صحيح البخاري، المناقب، باب مناقب الأنصار (ح ٣٨١٢)، وصحيح مسلم، فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن سلام، الحديث الثاني.
(٢) لفظ: "له" سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) والتخريج.
(٣) في الأصل: "فدحى بي" والتصويب من صحيح مسلم والمسند ومعنى: زجل بي: أي رفع بي.
(٤) في الأصل بدون نقط.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ٤٥٢ - ٤٥٣) وسنده حسن.
(٦) صحيح مسلم، فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن سلام (ح ٢٤٨٤).
(٧) لفظ: "كما" سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم).